(وَعَنْ أَبِي هريرةَ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوضَّأْ. أخرجه أحمد، والنسائيُّ، والترمذيُّ، وحسَّنه. وقالَ أحمد: لا يصحُّ في هذا الباب شيءٌ)؛ وذلكَ لأنهُ أخرجهُ أحمدُ منْ طريقٍ فيها ضعيفٌ، ولكنْ قدْ حسَّنهُ الترمذيُّ (٢)، وصحَّحهُ ابنُ حبانَ (٣)؛ لورودهِ منْ [طرقٍ](٤) ليسَ فيها ضعفٌ، وذكرَ الماورديُّ أن بعضَ أصحابِ الحديث خرَّجَ لهُ مائةً وعشرينَ طريقًا (٥).
وقالَ أحمدُ: إنهُ منسوخٌ بما رواهُ البيهقيُّ (٦) عن ابن عباسٍ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:"ليسَ عليكمْ في غَسلِ ميِّتكمْ غُسلٌ إذا غسلتموهُ، إنَّ ميتَكم يموتُ طاهرًا وليسَ بنجسٍ، فحسبُكم أن تغسلوا أيديَكُمْ"، ولكنَّهُ ضعَّفهُ البيهقيُّ.
= أبي صالح وأبي هريرة "إسحاق مولى زائدة" وهو ثقة، وإعلاله بكونه روي موقوفًا عن أبي هريرة أيضًا ليس بشيءٍ؛ لأن الرفع زيادةٌ يجب قبولها إذا جاءت عن ثقةٍ. قلت: وللحديث طريقان آخران عند أحمد (٢/ ٢٨٠)، وأبي داود (٣/ ٥١١ رقم ٣١٦١). وله شواهد من حديث عائشة وعلي، وحذيفة وأبي سعيد. انظر تخريجهما في كتابنا: "إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" جزء الطهارة. وقال الحافظ في "التلخيص" (١/ ١٣٧): وفي الجملة هو بكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسنًا. وأما قول أحمد: "لا يصح في هذا الباب شيء"، فهو مردود بما قدَّمنا من صحَّة الحديث. (١) ذكره الحافظ في "التلخيص" (١/ ١٣٧) عن أحمد أن الحديث منسوخ، وكذا جزم بذلك أبو داود. قلت: ونقل أبو داود في "مسائل الإمام أحمد" (ص ١٥١) عندما سئل عن الغسل من غسل الميت؟ قال: يثبت فيه حديث أبي هريرة … (٢) في "السنن" (٣/ ٣١٩). (٣) في "صحيحه" (٢/ ٢٣٩ رقم ١١٥٨). (٤) في النسخة (أ): "طريق". (٥) ذكره الحافظ في "التلخيص" (١/ ١٣٧) وقال: "وليس ذلك ببعيد". (٦) في "السنن الكبرى" (٣/ ٣٩٨). قلت: وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (١/ ٣٨٦)، وقال: صحيح على شرط البخاري. ووافقه الذهبي. قلت: إنما هو حسن الإسناد كما قال الحافظ في "التلخيص" (١/ ١٣٨): لأن فيه عمرو بن عمرو، وفيه كلام. وقد قال الذهبي نفسه في "الميزان" (٣/ ٢٨٢) بعد أن ساق أقوال الأئمة فيه: "حديثه صالح حسن منحط عن الدرجة العليا من الصحيح".