(وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّة قَتَّاتٌ)[متفق عليه](١). [القتات](٢) بقافٍ ومثناةٍ فوقيةٍ، وبعدَ الألفِ مثناةٌ وهوَ النمامُ، وقدْ رُوِيَ بلفظِه [(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)] (٣). وقيلَ إنَّ بينَ القتاتِ والنمَّامِ [فرْقًا](٤)؛ فالنمَّامُ الذي يحضرُ القضية فيبلغها، والقتاتُ الذي يتسمعُ منْ حيثُ لا يعلمُ بهِ ثمَّ ينقلُ ما سمعَه، وحقيقةُ النميمةِ نقلُ كلامِ الناسِ بعضُهم إلى بعضٍ للإفسادِ بينَهم. قالَ الغزاليُّ (٥): إنَّ حدَّها كشفُ ما يُكْرهُ كشفُه سواءٌ كرهَهُ المنقولُ إليهِ، أو المنقولُ عنهُ، [أوْ ثالثٌ](٦)، وسواءٌ كانَ الكشفُ بالرمزِ [أو الإشارة](٧)، أو بالكتابةِ، [أو بالإيماءِ](٨). قالَ: فحقيقةُ النميمةِ إفشاءُ السرِّ وهتكُ الستر [عمَّا يُكْرَهُ كشفُه](٩)، فلو رآهُ يُخْفِي مالًا لنفسِه فذكرهُ فهوَ نميمة، كذَا قالَه.
قلتُ: ويحتملُ أنَّ مثلَ هذا لا يدخلُ في النميمةِ بلْ يكونُ منْ إفشاءِ السرِّ، وهوَ محرَّمٌ أيضًا. ووردَ في النميمةِ عِدَّةُ أحاديثَ أخرجَ الطبرانيُّ (١٠) مرفُوعًا: "ليسَ مِنَّا ذو حسدٍ ولا نميمةٍ، ولا كهانةٍ ولا أنا منْهُ". ثمَّ تلا قوله تعالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٥٨)} (١١) الآية. وأخرجَ أحمدُ (١٢): "خيارُ عبادِ اللَّهِ الذينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللَّهُ،
= عن إبراهيم عن همام بن الحارث عن حذيفة. وأخرجه أحمد (٥/ ٣٨٢)، و (٣٨٩ و ٤٠٢)، ومسلم رقم (١٠٥، ١٧٠)، وأبو داود رقم (٤٨٧١)، والبيهقي (٨٦٦)، والبغوي في "شرح السنة" (٣٥٧٠) من طريق الأعمش. وأحمد (٥/ ٣٩٢)، والطبراني في "الكبير" (٣٠٢١)، من طريق الحكيم بن عتيبة والطبراني في "الصغير" رقم (٥٦١)، من طريق إبراهيم بن المهاجر ثلاثتهم عن إبراهيم النخعي به. والخلاصة: أن الحديث صحيح، والله أعلم. (١) زيادة من (أ). (٢) زيادة من (أ). (٣) زيادة من (ب). (٤) في (أ): "فرق". (٥) ذكره في "الإحياء" (٣/ ١٥٦). (٦) في (أ): "أو غيرهما". (٧) زيادة من (أ). (٨) زيادة من (ب). (٩) زيادة من (ب). (١٠) كما في "مجمع الزوائد" (٨/ ٩١)، وقال: رواه الطبراني وفيه سليمان بن سلمة الخبائري، وهو متروك. وهو حديث ضعيف. (١١) سورة الأحزاب: الآية ٥٨. (١٢) في "المسند" (٤/ ٢٢٧). =