على وجوب نصيحةِ مَنْ يستنصحُ، وعدمِ الغشِّ لهُ، وظاهرهُ أنها لا يجبُ نصيحةٌ إلا عندَ طَلَبِها. [والنصحُ](١) بغيرِ طلبٍ مندوبٌ، لأنهُ منَ الدلالةِ على الخيرِ والمعروفِ.
الرابعةُ: قولُه: "وإذا عطسَ فحمِدَ اللَّهَ فشمِّتْهُ" بالسينِ المهملةِ والشينِ المعجمةِ، قال ثعلبٌ: يقالُ [شمتُّ](٢) العاطسَ [وسمَّتهُ](٣) إذا دعوتُ لهُ بالهدَى، وحسنِ السَّمْتِ المستقيمِ، قالَ: والأصلُ فيهِ السينُ المهملةُ، فقلبتْ شينًا معجمةً. فيهِ دليلٌ على وجوبِ التشميتِ للعاطسِ الحامدِ. وأما الحمدُ على العُطاسِ فما في الحديثِ دليلٌ على وجوبهِ، قالَ النووي (٤): إنهُ متفقٌ علَى استحبابهِ. وقدْ جاءَ كيفيةُ الحمدِ، وكيفيةُ تشميت العاطس، وكيفيةُ جوابِ العاطسِ، فيما أخرجَهُ البخاري (٥) منْ حديثٍ أبي هريرةَ عنهُ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا عطسَ أحدُكم فليقلْ الحمدُ للَّهِ، وليقلْ لهُ أخوهُ أو صاحبُه: يرحمُكَ اللَّهُ، وليقلْ هوَ: يهديْكُم اللَّهُ ويصلحُ بالَكُمْ". وأخرجَه أبو داودَ (٦) وغيرهُ بإسنادٍ صحيحِ. وفيهِ زيادةٌ منْ حديثٍ أبي هريرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنهُ قالَ:"إذا عطسَ أحدُكم فليقلْ: الحمدُ للَّهِ على كلِّ حالٍ، وليقلْ لهُ أخوهُ أو صاحبُه: يرحمُكَ اللَّهُ، ويقولُ هو: يهدْيكُم اللَّهُ ويُصْلِحُ بالَكُمْ"، أي شأنَكُم. وإلى هذا الجوابِ ذهبَ الجمهورُ. وذهبَ الكوفيونَ إلى أنهُ يقولُ: يغفرُ اللَّهُ لنا ولكمُ. [بدليل ما](٧) أخرجَهُ الطبرانيُّ (٨) عن ابن مسعودٍ، وأخرجَهُ البخاري في الأدبِ المفردِ (٩)[بلفظ: يغفر الله لنا ولكم](١٠). وقيلَ: يتخيَّرُ أي اللفظينِ [أحب](١١). وقيلَ: يجمعُ بينَهما. وإلى جواب التشميت بما ذكرَ ذهبتِ الظاهريةُ وابنُ العربيِّ، وأنهُ يجبُ
(١) في (أ): "والنصيح". (٢) في (أ): "سمته". (٣) في (أ): "شمتهُ". (٤) في "الأذكار" (ص ٤٢٧). (٥) في "صحيحه" رقم (٦٢٢٤). قلت: وأخرجه أبو داود رقم (٥٠٣٣)، والنسائي (٢٣٢) في "اليوم والليلة". (٦) في "السنن" رقم (٥٠٣٣). (٧) زيادة من (أ). (٨) في "الكبير والأوسط" كما في "مجمع الزوائد" (٨/ ٥٧) وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط. (٩) رقم (٩٣٣/ ث ٢١٣) بإسناد صحيح عن ابن عمر. (١٠) زيادة من (أ). (١١) زيادة من (أ).