(وعنْ أُمِّ سلمةَ - رضي الله عنها - قالتْ: قالَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: إذا كانَ لإحداكنُّ مكاتَبٌ، وكانَ عندَه ما يؤدِّي فلتحتجبْ منهُ. رواهُ أحمدُ، والأربعةُ، وصحَّحهُ الترمذيُّ). وهوَ دليلٌ على مسألتينِ:
الأولى: أن المكاتَبَ إذا صارَ معهُ جميعُ مالِ [المكاتبةِ](٤) فقدْ صارَ لهُ ما للأحرارِ [فتحتجِبُ](٥) منهُ سيدتُه إذا كانَ مملُوكًا لامرأةِ، وإنْ لم يكنْ قد سلمَ ذلكَ، وهوَ معارضٌ بحديثِ عمروِ بن شعيبِ، وقدْ جمعَ بينَهما الشافعيُّ (٦) فقالَ: هذا خاصٌّ بأزواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهوَ احتجابهنَّ عن المكاتبِ، وإنْ لم يكنْ قدْ سلمَ مالَ الكتابةِ إذا كانَ واحدًا لهُ، وإلا منعَ منْ ذَلكَ كما منعَ سودةَ (٧) منْ نظرِ ابن
(١) في "المسند" (٢٨٩/ ٦، ٣٠٨، ٣١١). (٢) أخرجه أبو داود في "السنن" (٣٩٢٨). وابن ماجه في "السنن" (٢٥٢٠)، والترمذي في "السنن" (١٢٦١). وقال: حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي بنحوه في "السنن الكبرى" (٣/ ١٩٨ رقم ٥٠٢٩/ ٢) ورقم (٥٠٣٠/ ٣). (٣) في "السنن" رقم (١٢٦١). قلت: وأخرجه الحاكم (٢/ ٢١٩) وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. كذا قال، ونبهان مولى أم سلمة، وأورده الذهبي في "ذيل الضعفاء"، "وقال ابن حزم: مجهول"، قاله الألباني في "الإرواء" (٦/ ١٨٣). قلت: قال ابن حجر في "التقريب" عنه (٢/ ٢٩٧): "مقبول". وقال الذهبي في "الكاشف" (٣/ ١٧٥): "ثقة". وذكره ابن حبان في "الثقات" (٥/ ٤٨٦)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٨/ ٥٠٢) وسكت عنه، فالحديث قابل للتحسين. وقد حسنه الشيخ عبد القادر في "جامع الأصول" (٨/ ٩٣) بشواهده. وأما المحدث الألباني فقد ضعفه في "الإرواء" (١٧٦٩) لما تقدم عن حال "نبهان "عنده وقال: "ومما يدل على ضعف هذا الحديث عمل أمهات المؤمنين على خلافه، وهن اللاتي خوطبن به فيما زعم راويه! وقد صح ذلك عن بعضهن كما يأتي بيانه". (٤) في (أ): "الكتابة". (٥) في (أ): "فلتحتجب". (٦) في "بدائع المنن" (٢/ ٤٥). (٧) أخرجه البخاري رقم (٢٠٥٣) ورقم (٢٢١٨)، ومسلم رقم (٣٦/ ١٤٥٧)، ومالك في "الموطأ" (٢/ ٧٣٩ رقم ٢٠)، وأحمد في "المسند" (٦/ ١٢٩، ٢٠٠، ٣٣٧)، وأبو داود في "السنن" رقم (٢٢٣٧)، والنسائي (٦/ ١٨٠ رقم ٣٤٨٤)، وابن ماجه رقم (٢٠٠٤)، والدارمي مختصرًا (٢/ ١٥٢).