النفقةُ للمولودِ، وعندَ الحنابلةِ يتعينُ على الأبِ إلَّا أنْ يموتَ أو يمتنعَ، وأُخِذَ منْ لفظِ تُذْبَحُ بالبناءِ للمجهولِ أنهُ يجزئُ أنْ يعقَّ عنهُ الأجنبيُّ، وقدْ تأيدَ بأنهُ - صلى الله عليه وسلم - عقَّ عن الحسنين كما سلفَ إلَّا أنهُ يقالُ قدْ ثبتَ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - أبوهما كما وردَ بهِ الحديثُ بلفظِ:"كلُّ بني أمِّ ينتمونَ إلى عصبةٍ إلا ولدَ فاطمةَ - رضي الله عنها - فأنا وليُّهم وأنا عصبتُهم"، وفي لفظٍ:"وأنا أبوهُم"، أخرجَهُ الخطيبُ منْ حديثِ فاطمةَ الزهراءِ (١) - رضي الله عنها - ومِنْ حديثِ عمرَ (٢) رضيَ اللهُ تعالَى عنْهُ.
وأما ما أخرجَهُ أحمدُ (٣) منْ حديثِ أبي رافعٍ أن فاطمةَ - رضي الله عنها - لما ولدتْ حَسَنًا - رضي الله عنه - قالتْ: يا رسولَ اللهِ ألا أعق عن ولدي بدمٍ؟ قالَ:"لا ولكنِ احلقي رأسَهُ وتصدَّقي بوزنِ شعرهِ فضةً"، فهوَ منَ الأدلةِ أنهُ قدْ أجزأَ عنهُ ما ذبحَه
(١) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٣/ ٤٤) رقم ٢٦٣٢)، وأبو يعلى في "المسند" (١٢/ ١٠٩ رقم ٦٧٤١). وأورده الهيثمي في "المجمع" (٩/ ١٧٢ - ١٧٣) وقال: "رواه الطبراني وأبو يعلى وفيه شيبة بن نعامة ولا يجوز الاحتجاج به". وقال ابن حبان في "المجروحين" (١/ ٣٥٨) يروي - أي شيبة - عن أنس ما لا يشبه حديثه، وعن غيره من الثقات ما يخالف حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به". وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف، واللهُ أعلم. (٢) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٣/ ٤٤ رقم ٢٦٣١)، والحاكم في "المستدرك" (٣/ ١٤٢)، والبيهقي (٧/ ٦٤)، وابن الجوزي في "الموضوعات" (٢/ ٣)، وأبو نعيم في "المعرفة" (١/ ٢٣١ - ٢٣٢) رقم ٢١٤)، وفي "الحلية" (٢/ ٣٤). قلت: فيه بشر بن مهران. ترك أبو حاتم حديثه، انظر: "لسان الميزان" (٢/ ٣٤). وفيه: شريك بن عبد اللهِ: صدوق يخطئ كثيرًا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة. انظر: "التقريب" (١/ ٣٥١). وفيه أخيرًا محمد بن زكريا الغلابي: ضعيف. والخلاصة: أن الحديث ضعيف لا يتقوى بالشواهد لشدة ضعفه وتقاعد الجابر. (٣) في "المسند" (٦/ ٣٩٠) من طريق شريك عن عبد اللهِ بن محمد بن عقيل عن ابن الحسين، عن أبي رافع به. قلت: سنده ضعيف، لضعف شريك. ولكن تابعه (عبد اللهِ بن عمرو) أخرجه أحمد في "المسند" (٦/ ٣٩٢)، وتابعه أيضًا (سعيد بن سلمة)، أخرجه البيهقي (٩/ ٣٠٤)، فيصبح الحديث حسنًا ولم يكن صحيحًا لأن عبد اللهِ بن محمد بن عقيل فيه مقال أيضًا، ولكن حديثه لا ينزل عن رتبة الحسن.