(وعنْ أبي أميةَ المخزوميِّ - رضي الله عنه -) لا يُعْرَفُ لهُ اسمٌ، عِدادُه في أهلِ الحجازِ، ورَوَى عنهُ أبو المنذرِ مولَى أبي ذرٍّ هذَا الحديثَ (قالَ: أُتيَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِلِصٍّ قدِ اعترفَ اعترافًا ولم يوجَدْ معَة متاعٌ، فقالَ لهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ما إخالكَ) بكسر الهمزة فخاء معجمة، أي أظنك (سرقتَ، قالَ: بلى، فأعادَ عليهِ مرتيْنِ أوْ ثلاثًا فأَمرَ بهِ فقُطِعَ، وجيءَ بهِ فقالَ: استغفرِ اللهِ وتبْ إليهِ، فقالَ: أستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليهِ، فقالَ: اللهمَّ تبْ عليهِ، ثلاثًا. أخرجَه أبو داودَ واللفظُ لهُ، وأحمد والنسائيُّ ورجالُه ثِقَاتٌ).
قالَ الخطابيُّ (١): في إسنادِه مقالٌ، والحديثُ إذا رواهُ مجهولٌ لم يكنْ حجَّةً [ولم](٢) يجبِ الحكمُ بهِ. قالَ عبدُ الحق: أبو المنذرِ المذكورُ في إسنادهِ لم [يروه](٣) عنهُ إلَّا إسحاقُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أبي طلحةَ (٤).
وفي الحديثِ دليلٌ على أنهُ ينبغي للإمامِ تلقينُ السارقِ الإنكارَ. وقدْ رُوِيَ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لسارقٍ:"أسرقْتَ؟ قلْ: لا"(٥)، قال الرافعيُّ (٦): لم يصحِّحُوا هذا الحديثَ، قالَ الغزاليُّ (٧): قولُه: قلْ لا، لم يصحِّحْه الأئمةُ. ورَوَى البيهقيُّ (٨) موقُوفًا على أبي الدرداءِ أنهُ أتيَ بجاريةٍ سرقتْ فقالَ لها: أسرقتِ؟ قولي: لا، فقالتْ: لا، فخلَّى سبيلَها، ورَوَى عبدُ الرزاقِ (٩) عنْ عمرَ أنهُ أُتيَ برجل سرقَ فسألَه: أسرقتَ؟ قلْ: لا، فقالَ: لا، فتركَه. وساقَ رواياتٍ عنِ الصحابةِ دالةٍ على التلقينِ.
واختُلِفَ في إقرارِ السارقِ، فذهبتِ الهادويةُ وأحمدُ وإسحاقُ (١٠) إلى أنهُ لا
(١) "معالم السنن" الخطابي (٦/ ٢١٧ رقم ٤٢١٥). (٢) في (أ): "ولا". (٣) في (ب): "لم يرو". (٤) انظر في: "معالم السنن" (٦/ ٢١٨). (٥) لم أره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أبي بكر، إلا أن في مصنف عبد الرزاق (١٠/ ٢٢٤ رقم ١٨٩١٩ و ١٨٩٢٠) عن ابن جريج قال: سمعت عطاء يقول: كان من مضى يؤتى إليهم بالسارق، فيقول: أسرقت؟ قل: لا. وسمَّى أبا بكر وعمر. وانظر: "التلخيص الحبير" (٤/ ٦٧). (٦) و (٧) "التلخيص الحبير" ابن حجر (٤/ ٦٧). (٨) في "السنن الكبرى" (٨/ ٢٧٦). (٩) "المصنف" (١٠/ ٢٢٤ رقم ١٨٩٢٠). (١٠) "البحر الزخار" (٥/ ١٨٢)، و"المغني" (١٠/ ٢٨٨ رقم ٧٣١٣).