وقدْ روى الحتَّ والفركَ - أيضًا - البيهقي، والدارقطنيُّ، وابنُ خزيمةَ، وابنُ الجوزيِّ من حديثِ عائشةَ.
ولفظُ البيهقيِّ (١): "ربما حَتَتُّهُ منْ ثوبِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ يُصَلِّيْ". ولفظ الدارقطنيِّ (١)، وابنِ خزيمةَ (٢): "إنها كانتْ تحُتُّ المنيِّ منْ ثوبِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ يصلِّي".
ولفظُ ابن حبانَ (٣): "لَقَدْ رَأَيْتُني أَفْرُكُ المنيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُصَلِّي"، رجالهُ رجالُ الصحيحِ، وقريبٌ منْ هذا الحديثِ حديثُ ابن عباسٍ عندَ الدارَقطنيِّ (٤) والبيهقيِّ (٥): [سئلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن المنيِّ يصيبُ الثوبَ فقالَ:"إنما هوَ بمنزلةِ المُخاطِ والبُصاقِ والبُزاقِ"، وقالَ:"إنما يَكْفِيْكَ أن تمسحَهُ بخرقَةٍ أو إذْخِرَةٍ"(٦)]. وقالَ البيهقي بعد إخراجهِ: ورواه وكيع عن ابن أبي ليلى موقوفًا على ابن عباس وهوس الصحيح، انتهى.
فالقائلونَ بنجاسةِ المنيِّ تأوَّلُوا أحاديثَ الفركِ هذهِ بأنَّ المرادَ الفركُ معَ غَسْلهِ بالماءِ، وهوَ بعيدٌ. وقالتِ الشافعيةُ: المنيُّ طاهرٌ. واستدلُّوا على طهارة المنيِّ بهذهِ الأحاديثِ، قالُوا: وأحاديثُ غسلهِ محمولةٌ على الندبِ، وليس الغَسْلُ دليلَ النجاسةِ، فقد يكونُ لأجلِ النظافةِ وإزالةِ الدَّرَنِ ونحوهِ، قالوا: وتشبيههُ بالبُزاقِ والمُخاطِ دليلٌ على طهارتهِ أيضًا، والأمرُ بمسحهِ بخرقةٍ أو إِذْخرةٍ لأجلِ
(١) عزاه إليه ابن حجر في "التلخيص" (١/ ٣٢). (٢) في "صحيحه" (١/ ١٤٧ رقم ٢٩٥)، وأورد الحافظ في "الفتح" (١/ ٣٣٣) رواية ابن خزيمة وسكت عنها. (٣) في "صحيحه" (٢/ ٣٣٠ رقم ١٣٧٧). (٤) في "السنن" (٤/ ١٢١ رقم ١). (٥) في "السنن الكبرى" (٢/ ٤١٨). قُلتُ: حديث ابن عباس منكر مرفوعًا، صحيح موقوفًا. وقال الدارقطني: لم يرفعه غير إسحاق الأزرق عن شريك عن محمد بن عبد الرحمن هو ابن أبي ليلى ثقة، في حفظه شيء. وانظر مزيدًا من الكلام على الحديث في "الضعيفة" (رقم/٩٤٨). (٦) زيادة من النسخة (أ) المشار إليها قريبًا.