(وَعَنْهُ) أيْ عَنْ أَنَسِ بن مَالكٍ (قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَبَا طَلْحَة فَنَادَى: إِنَّ الله وَرَسَولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ) بتثنية الضميرِ للَّهِ تعالى ولرسولهِ، وقَدْ ثبتَ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ للخطيبِ الذي قالَ في خطبتهِ: إنه مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا … الحديث،: "بِئْسَ خَطِيبُ القومِ أنتَ"(١)؛ لجمعهِ بينَ ضميرِ اللَّهِ تعالى وضمير رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، وقالَ:"قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ"، فالواقع هنا يعارِضُهُ.
وقد وقعَ أيضًا في كلامِهِ - صلى الله عليه وسلم - التثنيةُ بلفظِ:"أَنْ يكونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا"(٢)، وأجيبَ بأنهُ - صلى الله عليه وسلم - نهى الخطيبَ لأنَّ مقامَ الخَطَابةِ يقتضي البسطَ والإيضاحَ، فأرشدَهُ إلى أنهُ يأتي بالاسمِ الظاهرِ لا بالضميرِ، وأنه ليسَ العتبُ عليهِ من حيثُ جمعهُ بينَ ضميره تعالى وضمير رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -. والثاني أنهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يجمعَ بينَ الضميرينِ وليسَ لغيرِه لعلمهِ بجلالِ ربهِ وعظمته.
(عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ) كما يأتي (فَإِنَّها رِجْسٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وحديثُ أنسٍ في البخاري (٣): أَن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جاءَهُ جاءٍ فقال: أُكِلَتِ الحُمُرُ، ثم جاءَهُ جاءٍ فقالَ: أُكِلَتِ الحُمُرُ، ثم جاءَهُ جَاءٍ فقال: أُفْنيتِ الحُمُرِ. فأمَرَ مناديًا يُنادي: إِنَّ الله ورسولَهُ يَنْهيانِكُم عنْ لحومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ؛ فَإِنَّهَا رِجْسٌ، فأُكْفِئَتِ القُدورِ وإنها لَتفورُ باللحم.
(١) أخرجه مسلم (٢/ ٥٩٤ رقم ٤٨/ ٨٧٠)، وأبو داود (١/ ٦٦٥ رقم ١٠٩٩) و (٥/ ٢٥٩ رقم ٤٩٨١)، وأحمد في "المسند" (٤/ ٢٥٦، ٣٧٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٨٦) و (٣/ ٢١٦)، والحاكم (١/ ٢٨٩) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. والطحاوي في "مشكل الآثار" (٤/ ٢٩٦) كلهم من حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه -. وأورده القرطبي في "تفسيره" (١٤/ ٢٣٢)، والنووي في الأذكار (رقم: ١٤/ ٩٢٩). (٢) وهو جزء من حديث أنس - رضي الله عنه -. أخرجه البخاري (١/ ٦٠ رقم ١٦) و (١/ ٧٢ رقم ٢١) و (١١/ ٤٦٣ رقم ٦٠٤١) و (١٢/ ٣١٥ رقم ٦٩٤١)، ومسلم (١/ ٦٦ رقم ٦٧، ٦٨/ ٤٣)، والنسائي (٨/ ٩٤ رقم ٤٩٨٧) و (٨/ ٩٦ رقم ٤٩٨٨) و (٨/ ٩٧ رقم ٤٩٨٩)، والترمذي (٤/ ١٥ رقم ٢٦٢٤) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه (٢/ ١٣٣٨ رقم ٤٠٣٣)، وأحمد (٣/ ١٠٣، ١٧٤، ٢٣٠)، وعبد الرزاق (١١/ ٢٠٠ رقم ٢٠٣٢٠)، وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ٢٧) و (٢/ ٢٨٨)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٢/ ١٩٩). (٣) في صحيحه (٩/ ٦٥٣ رقم ٥٥٢٨) وقد تقدم تخريجه في حديث الباب.