أترونَ فلانًا - يعني ولدًا لهُ - يشبهُ منهُ كذَا وكذَا من عبد يزيد (١)، وفلانًا لابنه الآخر يشبه منه كذا وكذا، قالُوا: نعمْ، قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لعبدِ يزيدَ: طلِّقْها، ففعلَ - الحديثَ"، أخرجَه أَبو داودَ (٢) عن ابن عباسٍ.
والظاهرُ أنهُ لم يثبتْ عندَهُ - صلى الله عليه وسلم - ما ادَّعَتْهُ المرأةُ منَ العنَّةِ؛ لأنَّها خلافُ الأصلِ؛ ولأنهُ - صلى الله عليه وسلم - تَعرَّفَ أولادَه بالقيافةِ، وسألَ عنْها أصابَهُ - صلى الله عليه وسلم - فدلَّ [على](٣) أنهُ لم يثبتْ لهُ أنهُ عِنِّينٌ فأمرهَ بالطلادقِ إرشادًا إلى أنهُ ينبغي لهُ فراقُها حيثُ طلبتْ ذلكَ منهُ لا أنه يجبُ عليهِ.
فائدةٌ: قالَ ابنُ المنذرِ (٤): اختلفُوا في المرأةِ تطالبُ الرجلَ بالجماعِ، فقالَ الأكثر: إنْ وَطِئَها بعدَ أنْ دخلَ بها مرةً واحدةً لم يؤجَّلْ أَجَلَ العنِّينِ، وهوَ قولُ الأوزاعيِّ والثوريِّ وأبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وإسحاقَ. وقالَ أَبو ثورٍ: إنْ تركَ جِمَاعَها لِعِلَّةٍ أَجَّلَ لها سنةً، وإنْ كانَ لغيرِ عِلَّةٍ فلا تأجيلَ.
وقالَ عياضٌ: اتفقَ كافةُ العلماءِ على أن للمرأةِ حقًّا في الجماعِ فيثبتُ الخيارُ لها إذا تزوَّجَتْ المجبوبَ والممسوحَ جاهلةً بهمَا، ويضربُ للعنينِ أجلُ سنةٍ لاختبارِ زوالِ ما بهِ، انتَهى.
قلتُ: ولم يستدلُّوا على مقدارِ الأجلِ بالسنةِ بدليلٍ ناهضٍ، إنما يذكرُ الفقهاءُ لأَجْلِ أنْ تمرَّ بهِ الفصولُ الأربعةُ فيتبيَّنُ حالهُ.
* * *
(١) عبد يزيد اسم أبي ركانة. (٢) في "السنن" رقم (٢١٩٦)، وهو حديث حسن. (٣) زيادة من (أ). (٤) انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" (٤/ ٨٣ م ٢٣٢٤).