[يمتنع](١)، وَكُلُّ هذهِ القيودِ لا يدلُّ عليها الحديثُ بلِ استنبطُوها منْ تعليلِهم للحديث بعِللٍ متصيَّدَة منَ الحُكْمِ، ثمَّ قدْ عرفتَ أن الأصلَ في النَّهي التحريمُ، وإليهِ هنَا [ذهبتْ](٢) طائفةٌ منَ العلماءِ (٣). وقالَ آخرونَ: إنَّ الحديثَ منسوخٌ، وإنهُ جائزٌ مطلقًا كتوكيلهِ، ولحديثِ النصيحةِ. ودعْوى النسخِ غيرُ صحيحةٍ لافتقارها إلى معرفةِ التاريخِ لِيُعْرَفَ المتأخرُ، وحديثُ النصيحةِ مشروط فيه أنه (إذا استنصحَ أحدُكم أخاه فلينصحْ له)(٤)؛ [فإنه](٥)[إذا](٦) استنصحَه نَصَحَهُ بالقولِ لا أنهُ يتولَّى لهُ البيعَ، وهذَا في حكم بيع الحاضرِ للبادي، وكذلكَ الحكمُ في الشراء لهُ فلا يشتري حاضرٌ لبادِ. وقدْ قال: البخاريُّ (٧): بابُ لا يشتري حاضرٌ لبادٍ بالسمسرةِ، وقالَ ابنُ حبيبٍ (٨) المالكيِّ: [إنَّ](٩) الشراءَ للبادي كالبيعِ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم - (١٠): (لا يبعْ [أحدكم] (١١) على بيعِ بعض)؛ فإنَّ معناهُ الشراءُ. وأخرجَ أبو عوانةَ في صحيحه (١٢) عن ابن سيرينَ قالَ: لقيتُ أنسَ بنَ مالكٍ فقلتُ: [أيبيع](١٣) حاضرٌ لبادٍ، أما [نُهِيتُم](١٤) أنْ تبيعوا أو تبتاعوا لهم؟ قال: نعم. وأخرجه أبو داود (١٥)، وعنِ ابن سيرين عن أنس بن مالك: كانَ يقالُ لا يبع
(١) في (ب): (يمنع). (٢) في (أ): (ذهب). (٣) وهم الجمهور كما نقل الحافظ (٤/ ٣٧١) عن ابن المنذر. (٤) هو جزء من حديث رواه كل من: ١ - أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا، أخرجه مسلم (٥/ ٢١٦٢) وأوله: (حق المسلم على المسلم ست … ). ٢ - أبي الزبير عن جابر - رضي الله عنه - مرفوعًا، أخرجه البيهقي (٥/ ٣٤٧) وأوله: (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض … )، وحسَّنه الحافظ في (التلخيص) (٣/ ١٥١). ٣ - حكيم بن أبي زيد عن أبيه مرفوعًا، أخرجه الإمام أحمد (٣/ ٤١٨) وأوله: (دعوا الناس يصيب بعضهم من بعض … ). (٥) في (ب): (فإن). (٦) زيادة من (ب). (٧) في (صحيحه) (٤/ ٣٧٢) باب رقم (٧٠). (٨) انظر: (فتح الباري) (٤/ ٣٧٣). (٩) زيادة من (أ). (١٠) يأتي تخريجه برقم (٢٩/ ٧٦٤) من كتابنا هذا، وهو متفق عليه من حديث أبي هريرة. (١١) في (ب): (بعضكم). (١٢) في مسنده (٣/ ٢٧٤) رقم (٤٩٤٦). (١٣) في (ب): (لا يبع). (١٤) في (أ): (أنهيتكم). (١٥) في (سننه) (٣/ ٧٢١) رقم (٣٤٤٠)، وهو حديث صحيح.