فيقول:{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}(١). ويقول:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}(٢). إن هذا الإنسان المخلوق من:{مَاءٍ دَافِقٍ}(٣){يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}(٤) هو الإنسان الذي كرمه الله واختاره لصناعة الحضارة: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}(٥) إنه هو نفسه الذي سجدت له الملائكة: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ}(٦). وهو الذي تعلم الأسماء كلها:{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(٧) وهو الحر الذي يختار طريقه بإرداته: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}(٨){وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا}(٩).
على أن الإنسان بالرغم من كل هذه المكانة التي أعطاها له الله تعالى، ومن كل الأسلحة التي زوده بها - لن يستطيع الإسهام الصحيح في فعل إيجابي وخالد إلا إذا حافظ على عبوديته لله والالتزام بمنهجه:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}(١٠) فإذا ارتكس وسار في طريق الانحراف والضلال فإنه يهبط إلى أسفل سافلين: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}(١١). ومن هنا نفهم من كتاب الله تعالى أن
(١) سورة البقرة الآية ٣٠ (٢) سورة النور الآية ٥٥ (٣) سورة الطارق الآية ٦ (٤) سورة الطارق الآية ٧ (٥) سورة الإسراء الآية ٧٠ (٦) سورة البقرة الآية ٣٤ (٧) سورة البقرة الآية ٣١ (٨) سورة البلد الآية ١٠ (٩) سورة البقرة الآية ١٤٨ (١٠) سورة التين الآية ٤ (١١) سورة التين الآية ٥