ألمح القرآن الكريم إلى استخفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة إلى الله تعالى ضمن إشارة تفيد بدء تلك المرحلة وانتهاءها بقوله تعالى {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}(١)، ولا ريب أن هذا يومئ إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو إلى الله خفية من قبل ذلك، فقد أخرج ابن جرير عن عبد الله بن عبيدة أنه قال:"ما زال النبي - صلى الله عليه وسلم - مستخفيا حتى نزل {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}(٢) فخرج هو وأصحابه. قال الثعالبي في تفسيره: وقوله سبحانه: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}(٣) معناه: " انفذ وصرح بما بعثت به " (٤) وقال الواحدي في هذا الصدد: "ولم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - مستخفيا نزلت " {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}(٥) " وأشار الإمام البغوي إلى هذا المعنى بقوله: "أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية
(١) سورة الحجر الآية ٩٤ (٢) سورة الحجر الآية ٩٤ (٣) سورة الحجر الآية ٩٤ (٤) الجواهر الحسان في تفسير القرآن - للثعالبي، ط (الأولى، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت) ٢/ ٣٠١. (٥) سورة الحجر الآية ٩٤