فالتفكر طريق إلى التذكر، وبينهما ارتباط وثيق " والتفكر والتذكر منزلان يثمران أنواع المعارف وحقائق الإيمان والإحسان، والعارف لا يزال يعود بتفكره على تذكره، وتذكره على تفكره حتى يفتح قفل قلبه بإذن الفتاح العليم، قال الحسن البصري: ما زال أهل العلم يعودون بالتذكر على التفكر وبالتفكر على التذكر ويناطقون القلوب حتى نطقت "(١).
وتذكر المرء واتعاظه بالآيات إنما يبدأ من التفكر؛ ولذلك قال بعض السلف: إن للموعظة غطاء، وكشف غطائها التفكر (٢).
والتفكر يذهب الغفلة عن المرء ويجلب الحياة لقلبه، قال بعض السلف: دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتفكر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين (٣). وقال ابن عون: الفكرة تذهب الغفلة وتحدث للقلب الخشية كما يحدث الماء للزرع النبات، وما جليت القلوب بمثل الأحزان، ولا استنارت بمثل الفكرة (٤).
(١) انظر: أبا نعيم، حلية الأولياء، ج١٠، ص١٩، وانظر: ابن القيم، مدارج السالكين، ج١، ص٤٤١. (٢) انظر: أبا نعيم، حلية الأولياء، ج٨، ص٢٠٨ (٣) انظر: أبا نعيم، حلية الأولياء، ج١٠، ص٣٢٧ (٤) انظر: البغوي، معالم التنزيل، ج٤، ص١٥٢