روى أبو داود بسنده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد فقد وجب (٢)».
ويطبق الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا عمليا فيلقن المتهم بالزنا والسرقة الحجة، فيعرض عن ماعز ويقول له: لعلك قبلت أو غمزت، أو نظرت؟ قال: لا يا رسول الله، قال: أنكتها؟ - لا يكني، ويقول للسارق: ما إخالك سرقت، قال: بلى، ثم قال: ما إخالك سرقت.
ويطلب من الحكام درء الحدود بالشبهة، روى الترمذي بسنده قال: عن عائشة قالت: قال رسول الله: - صلى الله عليه وسلم - «ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة (٣)».
وفي رواية ابن ماجه: «ادفعوا الحدود ما وجدتم له مدفعا (٤)».
كما أنه درأ الحد عن المرأة المستكرهة على الزنى، عن وائل بن حجر قال: «استكرهت امرأة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدرأ عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحد وأقامه على الذي أصابها (٥)».
فالإسلام بهذا يكرم الإنسان، ويبقي له اعتباره فلا يعتدي عليه لمجرد الشبه والظنون، التي كثيرا ما تكون كاذبة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}(٦).
(١) سنن أبي داود - كتاب الحدود، باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان جـ ٢ ص ٤٤٦. (٢) تعافوا: أمر بالعفو، وهذا الأمر موجه لعامة الناس غير القضاة والسلطان (١) (٣) سنن الترمذي - كتاب الحدود، باب ما جاء في درء الحدود جـ ٤ ص٣٣. (٤) سنن ابن ماجه - كتاب الحدود، باب الستر على المؤمن، ودفع الحدود بالشبهات جـ٢ ص ٨٥٠. وقال: [في الزوائد: في إسناده إبراهيم بن الفضل المخزومي، ضعفه أحمد وابن معين والبخاري وغيرهم] ا. هـ. (٥) سنن الترمذي - كتاب الحدود، باب ما جاء في المرأة إذا استكرهت على الزنا جـ ٤ ص ١٥٥. (٦) سورة الحجرات الآية ١٢