التي حمله الله إياها، وقد حكى الله عن الأمم السابقة طعنهم في رسالة الرسل بأنهم بمثر، كما في قوله تعالى عن قوم هود أو صالح:{مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ}(١){وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ}(٢) وحكى عن المكذبين لمحمد - صلى الله عليه وسلم - أنهم قالوا:{مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ}(٣) أي يسعى للتكسب وطلب الرزق، فأجاب عن ذلك بقوله:{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ}(٤) أي ليسوا ملائكة فإن البشر لا يتمكنون عادة من رؤية الملائكة بل لو أرسل الله ملكا لما تمكنوا من مشاهدته حتى يتمثل في صورة إنسان فيقع الاشتباه، قال تعالى:{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ}(٥) ولما وقع منه - صلى الله عليه وسلم - السهو في الصلاة ولم يذكروه ظنا منهم أن الصلاة قد قصرت فقال: «إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني (٦)» متفق عليه ومتى كان الرسل بشرا فلا يناسب إعطاءهم شيئا من حق الله من صفة أو عمل.
٢ - أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب، وإنما يخبر بما أخبره الله به وأوحاه إليه، قال الله تعالى:{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ}(٧) وقال تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ}(٨) وقال تعالى: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}(٩)
(١) سورة المؤمنون الآية ٣٣ (٢) سورة المؤمنون الآية ٣٤ (٣) سورة الفرقان الآية ٧ (٤) سورة الفرقان الآية ٢٠ (٥) سورة الأنعام الآية ٩ (٦) هو في صحيح البخاري برقم ٤٠١ ومسلم ٥/ ٦١ عن ابن مسعود. (٧) سورة الأنعام الآية ٥٠ (٨) سورة الأحقاف الآية ٩ (٩) سورة الأعراف الآية ١٨٨