والوصف بعدم التذكر نراه سجية لكل منحرف عن دين الله، يقول تعالى:{وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ}(١)، ولا عجب فهو أساس الداء والباعث الأقوى على الانحراف، فالذي لا يتذكر تختلط أمام بصيرته القيم، يقول تعالى:{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ}(٢).
والذي لا يتذكر يتورط في أرجاس الشرك:{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}(٣).
ووصف الكفار بقلة التذكر المعني به العدم ورد أيضا في مواضع أخرى.
والذي لا يتذكر تختفي أمام عينيه الحقائق الساطعة {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}(٤){أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ}(٥){ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ}(٦).
(٤) يؤكد القرآن الكريم أن التذكر أو الانتفاع بالذكرى والاستفادة من التذكير لون من السلوك الأقوم لا يتيسر إلا لأنماط معينة من البشر:
(أ) من هم على درجة من العقل الراشد واللب النابه والبصيرة النافذة، وقد ورد في السور والآيات الآتية ما يفيد أن التذكر مقصور على أولي الألباب وذوي البصيرة والعقول مثل: وما يذكر إلا أولوا الألباب ومثل لقوم يعقلون ومثل {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}(٧)
(١) سورة الصافات الآية ١٣ (٢) سورة غافر الآية ٥٨ (٣) سورة الأعراف الآية ٣ (٤) سورة الفرقان الآية ٥٠ (٥) سورة الدخان الآية ١٣ (٦) سورة الدخان الآية ١٤ (٧) سورة ق الآية ٣٧