ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت، قال: فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها فجرت في سكك المدينة (١)»
ذكر الحافظ في ثنايا ما يستنبط من هذا الحديث ما يشهد لقاعدة:«تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة الخفيفة» فقال: «القصد بالإراقة كان لإشاعة تحريمها، فإذا اشتهر ذلك كان أبلغ فتحتمل أخف المفسدتين لحصول المصلحة العظيمة الحاصلة من الاشتهار»(٢)
وهذا الاستباط الذي ذكره الحافظ - رحمه الله - ظاهر، وهو أن إراقة الخمر في طرق المدينة حين حرمت فيه مفسدة خفيفة؛ لأن هذا يؤدي إلى اتساخ طرق المدينة وتنجيسها على القول بنجاسة الخمر ولكن احتملت
(١) أخرجه البخاري ح (٢٤٦٤)، ومسلم ح (١٩٨٠)، وأبو داود ح (٣٦٦٥)، والنسائي ح (٥٥٤١)، وأحمد ح (٣/ ٢٢٧)، ح (١٣٤٠٠)، والفضيخ: بفاء وضاد معجمتين وزن عظيم: شراب يتخذ من البسر المفضوخ: أي المشدوخ من غير أن تمسه النار. ينظر: النهاية (٣/ ٤٥٣)، اللسان، فضخ، (٣/ ٤٥)، فتح الباري (١٠/ ٣٨). (٢) فتح الباري (١٠/ ٣٩).