لذلك، أو كلفها بالعبادة تكليفا وشاء عصمتها من المعصية فلا تكون إلا مطيعة عابدة، ولذلك كان معنى قوله:{إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}(١) إلا لأمرهم بالعبادة وأطلبها منهم فيختلفون فمنهم من يطيع فأثيبه ومنهم من يعصي فأعاقبه، وهذا المعنى مذكور عن علي رضي الله عنه وعن عكرمة ومجاهد (٢) ويؤيده قوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا}(٣) فيكون خلقهم ليبلوهم في التوحيد كما قال سبحانه في أكثر من آية في كتابه منها: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}(٤) وقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}(٥) وقوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}(٦) وقوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}(٧) ولتحقيق هذه الغاية بعث الله الرسل، وأنزل الكتب، وجعل الجزاء، وخلق له الجنة
(١) سورة الذاريات الآية ٥٦ (٢) انظر زاد الميسر ٨/ ٤٢، وتفسير البغوي ٤/ ٢٣٥، وتفسير السمعاني ٥/ ٢٦٤، وتفسير القرطبي ١٧/ ٥٥/٥٦. (٣) سورة التوبة الآية ٣١ (٤) سورة هود الآية ٧ (٥) سورة الكهف الآية ٧ (٦) سورة الملك الآية ٢ (٧) سورة الإنسان الآية ٢