وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع. وفسرت الشهادة له بالعبودية والرسالة بأنه عبد لا يعبد، ورسول لا يكذب بل يطاع ويتبع، فليس معنى هذه الشهادة أو من مستلزماتها التوسل بذاته وسؤال الله بجاهه ونحو ذلك. فأما قوله: فكيف يتهم بالشرك من توسل به إلى الله. فنقول: إن أراد من توسل بطاعته واتباعه، فلا بأس بذلك كأن يقول: اللهم أني أسألك وأتوسل إليك بإيماني وتصديقي واتباعي لرسولك وطاعتي له أن تغفر لي ونحو ذلك، كما يجوز التوسل بسائر الأعمال الصالحة كقصة أصحاب الغار الذين توصل أحدهم ببره لابويه، والثاني بعفته عن الحرام، والثالث بأمانته وأدائه حق الغير مع غلته. (١)، فيجوز أن نتوسل إلى الله بالصلوات والأذكار والصدقة والجهاد ونحوها من أعمال العبد التي يرحمه الله بسببها ويقبل دعاءه وهكذا إن أراد التوسل بمحبته واحترامه وتوقيره والصلاة والسلام عليه وتعظيم سنته وشرعه وما جاء به فهذا من التوسل المشروع، فيقول: يا رب أسألك وأتوسل إليك بمحبتي لك ولنبيك وباحترامي له ولسنته أن تهب لي من فضلك وترزقني حلالا وتبارك لي فيما أعطيتني، ونحو ذلك.
وهكذا إن أراد التوسل بدعائه وشفاعته فلا بأس بذلك، ولكن يطلب ذلك كله من الله ويوجه إليه سؤاله، فيقول اللهم اجعلني ممن تناله شفاعة نبيك يوم القيامة، أو اللهم وفقني للعمل الصالح الذي أنال به شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم أو اجعلني من المؤمنين الذين يدخلون في دعائه واستغفاره صلى الله عليه وسلم، وكل هذا ونحوه جائز إن شاء الله ولا يخالف فيه أحد من أئمة الدعوة أو غيرهم من أهل السنة، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستغفر للمؤمنين كما في قوله تعالى {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}(٢) فأنت تدعو الله أن يجعلك من المؤمنين الذين يعمهم هذا الاستغفار.
(١) رواه البخاري رقم ٣٤٦٥ عن ابن عمر رضي الله عنه. (٢) سورة محمد الآية ١٩