وأخرج الإمام البخاري معلقا عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للمقداد: «إذا كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه فقتلته فكذلك كنت أنت تخفي إيمانك بمكة من قبل (١)».
وروي أنه لما دعا عليا إلى الإسلام وطلب علي - رضي الله عنه - الإمهال قال له - صلى الله عليه وسلم -: «يا علي إذا لم تسلم فاكتم (٢)».
وهذه النصوص تكشف واقع دعوة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم – في أوائل البعثة وأنها كانت في طور الاستسرار.
المطلب الثالث: دلالة أقوال الصحابة:
إن استخفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة قد جاء ذكره صريحا على لسان بعض الصحابة، ومن ذلك ما أخرجه الإمام مسلم عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: «قال عمرو بن عبسة السلمي - رضي الله عنه -: "كنت - وأنا في الجاهلية - أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء، وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا، فقعدت على راحلتي فقدمت عليه، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخفيا ... (٣)».
(١) أخرجه البخاري في كتاب الديات باب: قول الله تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا)، رقم الحديث: ٦٣٨٥ (٢) البداية والنهاية - للحافظ ابن كثير، ط (الأولى، عام: ١٤١٩هـ الناشر: دار هجر - مصر) ٣/ ٢٤ (٣) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: صلاة المسافرين، باب: إسلام عمرو بن عبسة، رقم الحديث: ١٣٧٤.