أي: ينجيهم من المهالك، ويوضح لهم أبين المسالك، فيصرف عنهم المحذور ويحصل لهم أحب الأمور، وينفي عنهم الضلالة ويرشدهم إلى أقوم حالة) (١)، ويقول الإمام السعدي:(ثم ذكر من الذي يهتدي بهذا القرآن؟ وما هو السبب الذي من العبد لحصول ذلك؟ فقال:{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} (٢) أي: يهدي من اجتهد وحرص على بلوغ مرضاة الله وصار قصده حسنا سبل السلام، التي يسلم صاحبها من العذاب، وتوصله إلى دار السلام، وهو العلم بالحق والعمل به، إجمالا وتفصيلا، {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}(٣) ظلمات الكفر والبدعة والمعصية، والجهل والغفلة، {إِلَى النُّورِ}(٤) نور الإيمان والسنة والطاعة والعلم والذكر.
وكل هذه من الهداية بإذن الله، الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، {وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}(٥).
إن هداية القرآن الكائنة لمن انتفع به دالة على كل خير في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}(٦)، يقول الإمام الشنقيطي: (ذكر جل وعلا في هذه الآية
(١) تفسير القرآن العظيم ٢/ ٣٤. (٢) سورة المائدة الآية ١٦ (٣) سورة المائدة الآية ١٦ (٤) سورة المائدة الآية ١٦ (٥) سورة المائدة الآية ١٦ (٦) سورة الإسراء الآية ٩