ولا منافاة بين القولين بل أحدهما يتمم الآخر ذلك أنها كلها من الكلمات.
يقول ابن جرير:(حدثني المثنى قال: حدثنا آدم العسقلاني قال: حدثنا أبو جعفر عن الربيع عن أبي العالية في قوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} (١) قال: إن آدم لما أصاب الخطيئة قال: يا رب أرأيت إن تبت وأصلحت، فقال الله: إذا أرجعك إلى الجنة، فهي من الكلمات ومن الكلمات أيضا {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(٢)(٣)
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة في قوله:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ}(٤) قال: (ذكر لنا أنه قال: يا رب أرأيت إن تبت وأصلحت؟ قال: فإني إذن أرجعك إلى الجنة. {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٥)
وبذلك ثبتت مخالفة هذا الحديث للقرآن، فتأكد بطلانه.
الثاني: كذلك مما يؤكد بطلانه قوله في آخره «ولولا محمد ما خلقتك» والله يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}(٦) فالآية تفيد أن الحكمة من الخلق إنما هي عبادة الله وحده لا شريك
(١) سورة البقرة الآية ٣٧ (٢) سورة الأعراف الآية ٢٣ (٣) تفسير ابن جرير ج ١ ص ١٩٣ وانظر: تفسير ابن كثير ج ١ ص ٨١. (٤) سورة البقرة الآية ٣٧ (٥) سورة الأعراف الآية ٢٣ (٦) سورة الذاريات الآية ٥٦