وما أجمل قول العلامة ابن القيم:" فإن قيل: فأين تكون العشرة فما دونها إذا كان المراد بالحد الجناية. قيل: في ضرب الرجل امرأته وعبده وولده وأجيره، للتأديب ونحوه، فإنه لا يجوز أن يزيد على عشرة أسواط، فهذا أحسن ما خرج عليه الحديث، وبالله التوفيق "(١).
الإيراد الثالث: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدتين نحو أربعين، قال: وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر (٢)». وجه الشاهد من الحديث: أن قول عبد الرحمن يقطع دابر هذا الوهم، ويدل على أن مصطلحهم في الحدود إطلاقها على المقدرات التي يطلق عليها الفقهاء اسم " الحد "(٣).
قال الصنعاني:" فلو كان مراد الصحابة بالحدود حقوق الله تعالى، لكان أقل حدودها - على رأي - تسعة وثلاثين، ولعينه عبد الرحمن في جوابه لعمر "(٤). ويرد على هذا: بأن الحد في
(١) إعلام الموقعين، ج ٢، ص ٣٠. (٢) رواه مسلم، ٢٩ ك الحدود، ٨ باب حد الخمر، رقم (٣٥ - ١٧٠٦)، ج ٢، ص ١٣٣٠. (٣) إحكام الأحكام، ج ٤، ص ٣٨٣. (٤) العدة، ج ٤، ص ٣٨٣.