لأصحاب المزارع، والروم بعددهم وعدتهم ممن يخشاهم عرب الجزيرة ويرهبون التعرض لهم منذ أيام الجاهلية قد تهيأوا. . فكانت هذه الأسباب محكا للنفوس، وميزانا تغربل به الأعمال، وبلوى يمتحن الله بها الإيمان ومكانته من القلوب، كما قال سبحانه:{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}(١).
ولذا فقد ظهر الناس على ما بطن في قلوبهم، فكانوا ثلاثة أنواع:
١ - المؤمنون المستجيبون.
٢ - والبكاؤون الذين لا يحبون التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجدون عدة الجهاد من زاد وراحلة.
٣ - المخلفون المنافقون الذين فضحهم الله في هذه الغزوة بمواقف عديدة.
١ - فالفئة الأولى يوضح حالهم: المبادرة بالسمع والطاعة لله ولرسوله، ولمن ولاه الله أمرهم، استجابة فورية بالنطق بقولهم سمعنا وأطعنا، وفعلية بالبذل: نفسا ومالا، وعملية بالمبادرة تهيئوا للجهاد، وتجهيزا لمن لا يستطيع. يقول سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}(٢). فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حض أهل الغنى على النفقة، والحملان في سبيل الله، بادر أهل الغنى دفعا بالمال، وحملا