وهذه الطريقة في الاستدلال مخالفة لطريقة السلف أهل السنة والجماعة الذين يستدلون على وجود الله بدلالة الفطرة وغيرها؛ وذلك لأن طريقة المتكلمين فيها تعقيد شديد، وتكلف قد يخفى على كثير من الناس، وكذلك فإن هذه الطرق توقع في الشبهات التي قد تؤدي إلى زعزعة الإيمان في النفس، ولا سيما في نفوس العوام، إضافة إلى أنه قد يطرأ عليها شبهات كثيرة طويلة تحتاج إلى إبطال لها.
والحقيقة أنهم لم يثبتوا حتى تلك الصفات الثماني، بل أثبتوا بعضها. أما صفتا السمع والبصر فأكثرهم يثبتهما، وبعضهم يرجعهما إلى غيرهما (٣). وإثباتهم للإرادة يختلف عن إثبات بقية السلف.
وأما صفة الكلام فإنهم يقولون بالكلام النفسي الذي لا يسمع، وليس بحرف ولا بصوت. وصفة التكوين عندهم هي
(١) كتاب التوحيد للماتريدي (١٧ - ١٩) بتصرف. (٢) إشارات المرام (١٠٧ - ١١٤). (٣) كما صنع ابن الهمام في المسايرة (٦٩) فإنه أرجعهما إلى العلم.