فقد كفيتم) ولما سئل ابن عباس عن الوصية قال:(عليك بتقوى الله والاستقامة، اتبع ولا تبتدع) روى كل ذلك الدارمي في سننه.
وهذا الذي قاله الصحابة هو امتثال لمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (١)» وهو أمر واضح في كونه صلى الله عليه وسلم يتبع ما أنزله الله سبحانه، ولا يزيد عليه، قال تعالى:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}(٢).
وعلى ذلك فإن من يحاول ابتداع شيء على خلاف الشريعة فقد أتى بما ورد عنه النهي الصريح في القرآن الكريم، قال تعالى متوعدا من يبتدعون بسبب سيرهم وراء ظنونهم وأهوائهم:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}(٣) لأن الذي يسير وراء ظنونه، سيسير لا محالة في سبل تختلف عن سبيل الله وهذا هو الضلال بعينه. قال تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(٤).
امتثال أوامر الدين ونواهيه:
وما فعله الصحابة هو امتثال مباشر لنهيه صلى الله عليه وسلم عن البدع، فقد كان صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر ويقول: " أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور
(١) صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٨٠). (٢) سورة البقرة الآية ٢٨٥ (٣) سورة الإسراء الآية ٣٦ (٤) سورة الأنعام الآية ١٥٣