عنه: إنه مجاز؛ لأن الرأفة والشفقة والرحمة، إنما هي رقة تعتري القلب، وهي من الكيفيات النفسية، والله منزه عنه ذلك.
يقولون هذا، والله تعالى يقول:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}(١)، وهل هناك إلحاد في أسماء الله أعظم من إنكار حقائقها، والتصريح بأنها مجازات!؟
قالوا: والمجيء الوارد في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}(٢) وقوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}(٣) إنما هو من مجاز الحذف، وتقديره: وجاء أمر ربك.
والاستواء الوارد في قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}(٤)، مجاز، بمعنى: استولى، أو بمعنى: قصد وأقبل على خلقه، وليس هو الاستواء الذي بمعنى: استقر؛ لأن الاستواء - بهذا المعنى - لا يكون إلا للمخلوقين.
وأنكروا أن يكون الله نورا، في قوله تعالى:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(٥)، وقالوا: هذا مجاز، معناه: منور السماوات والأرض بالنور المخلوق، أو بمعنى: هادي أهل السماوات والأرض، مع العلم أن (النور) اسم من أسماء،
(١) سورة الأعراف الآية ١٨٠ (٢) سورة الفجر الآية ٢٢ (٣) سورة البقرة الآية ٢١٠ (٤) سورة طه الآية ٥ (٥) سورة النور الآية ٣٥