يصل إلى ما وصل إليه من سبقه إلى الإسلام، وإلا فهو أبعد منه حسا وحكما (١).
ولقد عرف الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنه - فضله على غيره، وذلك لأنه حائز قصب سبق الأمة إلى الإسلام، وإلى مؤازرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وملازمته ولهذا فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي (٢)» قالها مرتين فما أوذي بعدها (٣).
ولم يزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مفضلا خديجة - رضي الله عنها - على سائر أزواجه وذلك لسبقها وفدائها الإسلام بنفسها ومالها، وتضحيتها البالغة في ذلك، وهذا ما جعل عائشة - رضي الله عنها - تغار منها إذ قالت: «ما غرت على امرأة للرسول - صلى الله عليه وسلم -، كما غرت على خديجة لكثرة ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها وثنائه عليها، وقد أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبشرها ببيت لها في الجنة من قصب (٤)».
وقال عمر - رضي الله عنه - لعدي بن حاتم: أسلمت إذ كفروا وأقبلت إذ أدبروا ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا فقال عدي: فلا أبالي إذن (٥).
وقال عمر لعدي أيضا: إن أول صدقة بيضت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووجوه أصحابه صدقة طيء جئت بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٦)، وقول عمر
(١) فتح الباري (١٣/ ٢٥٧). (٢) صحيح البخاري المناقب (٣٦٦١). (٣) انظر القصة ومناسبة هذا الحديث في صحيح البخاري " فضائل الصحابة " (٧/ ١٨). (٤) صحيح البخاري " نكاح " (٩/ ٣٣٦). (٥) صحيح البخاري " المغازي " (٨/ ١٠٢). (٦) صحيح مسلم " فضائل الصحابة " (٤/ ١٩٥٧).