أما الإيمان بالله ففي قوله -عز وجل-: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(١) فإن إيجاب الحمد لله -عز وجل- يقتضي أنه موجود مستحق له.
وأما الإيمان بالملائكة فهو في ضمن قوله -عز وجل-: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}(٢) إذ العالمون من سوى الله -عز وجل-، ومنهم الملائكة، وأيضا في ضمن قوله -عز وجل-: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}(٣) ومن جملة المنعم عليهم ذوي الصراط المستقيم الملائكة، لقوله -عز وجل- في صفتهم:{لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(٤) وهذا هو مقصود الصراط المستقيم.
وأما الإيمان بالكتب فقد تضمنه قوله -عز وجل-: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}(٥) وهو القرآن في أحد الأقوال (٦)، وهي متلازمة: فالقرآن مراد على تجميعها قصدا أو التزاما، وسؤال الهداية يستلزم الإيمان به، إذ من لا يؤمن بشيء لا يسأل الهداية إليه، والإيمان به يستلزم الإيمان بجميع كتب الله -عز وجل-، لأنه موافق مصدق لها، آمر بالإيمان بها.
وأما الإيمان بالرسل: فقد تضمنه قوله -عز وجل-: {رَبِّ ابْنِ}(٧) إذ هم صفوة العالمين، وأبين منه قوله -عز وجل-: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}(٨) لأن الرسل صفوة المنعم عليهم. وقد بين الله -عز وجل- ذلك في قوله -عز وجل-: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ}(٩) الآية. فبدأ بهم:{إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ}(١٠)، {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ}(١١)، {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ}(١٢) الآيات ونحوها.
(١) سورة الفاتحة الآية ٢ (٢) سورة الفاتحة الآية ٢ (٣) سورة الفاتحة الآية ٧ (٤) سورة التحريم الآية ٦ (٥) سورة الفاتحة الآية ٦ (٦) ينظر الطبري ١/ ٥٧، والدر المنشور ١/ ١٥. (٧) سورة التحريم الآية ١١ (٨) سورة الفاتحة الآية ٧ (٩) سورة مريم الآية ٥٨ (١٠) سورة الزخرف الآية ٥٩ (١١) سورة النمل الآية ١٩ (١٢) سورة يوسف الآية ٦