والتحديد. وتخصيص أحدهما بالحكم دون الآخر، لا دليل عليه أصلا. وظاهر هذه الأحاديث: أن هذا الحكم عام فيما إذا وجد الحرير في الثوب، سواء كان مجتمعا أو مفرقا؛ تقدم لشارح المنتقى. وهذا اختيار ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى.
ومن الحجة لهذا القول: ما أخرجه البخاري، وأبو داود، والنسائي، «عن عمر بن الخطاب رضي الله: أنه رأى حلة سيراء تباع، فقال: يا رسول الله، لو ابتعتها؟ تلبسها للوفد إذا أتوك، والجمعة، فقال: إنما يلبس هذا من لا خلاق له في الآخرة (١)».
ولهم، ولمسلم، عن علي رضي الله عنه قال: «أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء، فبعث بها إلي فلبستها، فعرفت الغضب في وجهه، وقال: إني لم أعطكها لتلبسها فأمرني فأطررتها بين نسائي (٢)» قال أبو داود، والنسائي: السيراء: المضلع بالقز (٣).
قال ابن الأثير (٤) السيراء: بكسر السين وفتح الياء، المد، نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور (٥).
ونقل العيني (٦) في شرح البخاري، عن الأصمعي، والخليل، وآخرين: أنها ثياب فيها خطوط من حرير، وقز، وإنما قيل لها سيراء، لتسير الخطوط كأنها السيور، وقيل: هي وشي من حرير (٧)، وقيل: حرير محض.
(١) سبق تخريجه. (٢) البخاري في الصحيح رقم ٥٨٤٠، ومسلم في الصحيح رقم ٢٠٧١، وأبو داود في السنن رقم ٤٠٤٣، والنسائي في المجتبى ٨/ ١٩٧. (٣) سنن أبي داود ٤/ ٣٣١، والمجتبى للنسائي ٨/ ١٩٧. (٤) أبو السعادات، المبارك بن محمد الشيباني، فقيه لغوي محدث. (ت ٦٠٦): شذرات الذهب ٥/ ٢٢. (٥) النهاية في غريب الحديث ٢/ ٤٣٣. (٦) أبو محمد، محمود بن أحمد العيني، مؤرخ محدث، الضوء اللامع ١٠/ ١٣١. (٧) عمدة القارئ ٢٢/ ١٧.