وهذا الحديث: لا ينهض لمعارضة ما تقدم من الأحاديث الصحيحة الصريحة في تحريم ماهية الحرير؛ لوجوه:
أولها: أن في إسناده خصيف بن عبد الرحمن، وقد ضعفه غير واحد. قال الحافظ ابن حجر: هو صدوق سيئ الحفظ، خلط بآخره، ورمي بالإرجاء (٢).
ثانيها: أن لفظة إنما، لا تفيد الحصر الحقيقي عند أكثر النحاة.
سلمنا: إفادتها للحصر، فابن عباس أخبر بما بلغه من قصر النهي على المصمت، وغيره أخبر بما هو أعم من ذلك، كما تقدم في الأحاديث.
ثالثها: أنه لا قائل بمفهوم هذا الحديث. فإن الثوب من الحرير إذا كان فيه جزء يسير من غيره، لا يسمى مصمتا، فيلزم المستدل به تجويز هذا، وإلا بطل استدلاله.
رابعها: أنه استثنى المباح، بقوله: فأما العلم من الحرير وسدى الثوب فلا بأس بها. فمفهومه: أن ما زاد على ذلك فيه بأس. فترك أهل هذا القول مفهوم هذه الجملة، كما تركوا مفهوم الجملة قبلها، فصار الحديث حجة عليهم لا لهم.
ثم يقال لهم: فأين الحجة من الحديث على [ما](٣) ذهبتم إليه من اعتبار الكثرة بالوزن أو الظهور. فهذا الدليل لا يستلزم المدعى.
قال [٣ / ب] في شرح المنتقى - في شرح حديث ابن عباس هذا بعد
(١) أحمد في المسند ١/ ٢١٨، ٣١٣، ٣٢١، وأبو داود في السنن رقم ٤٠٥٥، واللفظ له، وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٢/ ٣٤٨، والحاكم في المستدرك ٤/ ١٩٢ بسند صحيح، والطبراني بسند حسن كما قال الحافظ في فتح الباري ١٠/ ٢٩٤، وأخرجه الأثرم كما في المغني لابن قدامة ١/ ٥٩٠. (٢) تقريب التهذيب / ١٩٣. (٣) إضافة من (ض).