فهذه الأحاديث: منها ما هو صريح في التحريم، ومنها ما هو ظاهر فيه. والذي لم نذكره من الأحاديث أضعاف أضعاف ما ذكرناه.
قال بعض العلماء - لما ذكر بعضا من أحاديث هذا الباب: وإذا لم تفد هذه الأدلة التحريم فما في الدنيا محرم. انتهى.
وقد أجمع المسلمون على تحريم الحرير - في الجملة - على الرجال دون النساء إلا ما ذكر عن ابن الزبير أنه نهى عنه النساء، مستدلا بعموم النهي (١).
وحكى غير واحد من الأئمة: الإجماع - بعد ابن الزبير - على تحريمه على الرجال، دون النساء.
قال أبو عمر بن عبد البر (٢): أجمع المسلمون على تحريم الحرير. وقال القاضي عياض (٣): حكي عن قوم إباحته. وقال غيره: الخلاف في ذلك منسوب إلى ابن علية (٤)، وقد انعقد الإجماع بعده على التحريم. انتهى (٥).
قال في الفروع - عن هذا القول، وقول ابن الزبير: هما شاذان. وما أخرجه البخاري، ومسلم، عن المسور بن مخرمة: «أنها قدمت للنبي صلى الله عليه وسلم أقبية، فذهب هو وأبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لشيء منها، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم وعليه قباء مزرور، وقال: يا مخرمة خبأنا لك هذا وجعل يريه محاسنه (٦)».
(١) أخرجه مسلم في الصحيح رقم ٢٠٦٩، والنسائي في المجتبى ٨/ ٢٠٠. (٢) يوسف بن عبد الله النمري، حافظ فقيه إمام (ت ٤٦٣) سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٥٣. (٣) عياض بن موسى اليحصبي، فقيه محدث (ت ٥٤٤) وفيات الأعيان ٢/ ١٢٦. (٤) أبو بشر، إسماعيل بن إبراهيم الأسدي مولاهم، حافظ ثبت (ت ١٩٣) سير أعلام النبلاء ٩/ ١٠٧. (٥) ينظر فتح الباري ١٠/ ٢٨٥ ونيل الأوطار ٢/ ١٦٥. (٦) البخاري في الصحيح رقم ٢٥٩٩، ٢٦٥٧، ٣١٢٧، ٥٨٠٠، ٥٨٦٢، ٦١٣٢ ومسلم في الصحيح رقم ١٠٥٨، وأخرجه أبو داود في السنن رقم ٤٠٢٨، والترمذي في الجامع رقم ٢٨١٩، والنسائي في المجتبى ٨/ ٢٠٥، وأحمد في المسند ٤/ ٣٢٨