يَصِحَّ؛ كاسْتِثْناء الكُلِّ، ولأِنَّه تعليقٌ على ما لا سبيلَ إلى علمه، أشْبَهَ تعليقَه على المستحيل.
(وَحُكِيَ عَنْهُ: أَنَّهُ يَقَعُ الْعِتْقُ دُونَ الطَّلَاقِ)، وعلَّله أحمدُ: بأنَّ العِتْقَ لله تعالى، والطَّلاقُ ليس هو لله، ولا فيه قُرْبةٌ إليه، ولأِنَّه لو قال لِأَمَتِه: كلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَه فهو حُرٌّ، فهذا تعليقٌ للحرِّيَّة على الملك، وهو صحيحٌ، ولأِنَّ نَذْرَ العتقِ يَلزَمُ الوفاءُ به، بخلاف الطَّلاق، فافْتَرَقا.
قال في «المحرَّر»: ولا يَصِحُّ عن أحمدَ التَّفرقةُ بَينَهما، لكِنْ حكاها (١) أبو حامِدٍ الإسْفَراييني، قال أبو الخَطَّاب في «الانتصار»: ولقد أبطلَ في حكاية ذلك عنَّا، وعَكَسَ في «التَّرغيب» هذه الرِّوايةَ، وقال: يا طالِقُ إنْ شاء الله تعالى؛ أَوْلَى بالوقوع.
وعَنْهُ: لا يَقَعانِ، اختاره أكثرُ العلماء؛ كما لو علَّقه على مشيئةِ زَيدٍ، ولقوله ﵇:«مَنْ حَلَفَ فقال: إنْ شاءَ اللهُ لم يَحنثْ» رواه أحمدُ، والنَّسائيُّ، والتِّرمذي، وحسَّنَه من حديثِ ابنِ عمرَ، وإسْنادُه ثِقاتٌ (٢).
قال الشَّيخُ تقيُّ الدِّين: ويكونُ معناهُ: هي طالِقٌ إنْ شاء الله الطَّلاقَ بعدَ
(١) في (م): حكاه. (٢) أخرجه أحمد (٤٥٨١)، وأبو داود (٣٢٦١)، والتِّرمذي (١٥٣١)، والنسائي (٣٨٢٨)، وابن الجارود (٩٢٨)، وابن حبان (٤٣٣٩)، ولفظ التِّرمذي: «من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله فقد استثنى فلا حنث عليه»، وعند البقية نحوه بمعناه، ورجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، قال التِّرمذي: (سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: أصحاب نافع رووا هذا الحديث عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا، إلا أيوب فإنه يرويه عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ ويقولون: إن أيوب في آخر أمره أوقفه)، والموقوف أخرجه مالك (٢/ ٤٧٧)، وعبدالرزاق (١٦١١١) ورجح وقفه البيهقي، وصححه مرفوعًا: ابن الجارود وابن حبان والألباني، وحسنه التِّرمذي. ينظر: العلل الكبير ص ٢٥٢، السنن الكبرى للبيهقي ١٠/ ٧٩، التلخيص الحبير ٤/ ٤٠٩، الإرواء ٨/ ١٩٨.