(فَصْلٌ)
(وَإِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ)، أوْ أتْلَفَه؛ (ضَمِنَهُ)؛ لقَولِه تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البَقَرَة: ١٩٤]، (بِمِثْلِهِ إِنْ كَانَ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا)؛ لأِنَّه لمَّا تعذَّرَ ردُّ العَينِ؛ لَزِمَه ردُّ ما يَقومُ مَقامَها، وقد حكاه ابنُ عبدِ البَرِّ إجْماعًا في كلِّ مأكولٍ ومَشْروبٍ؛ أنَّه يَجِبُ على مُسْتَهْلِكِه مثله (١) لا قِيمتُه (٢)؛ لأِنَّ المِثْل أقْرَبُ إليه من القيمةِ، فهو مُماثِلٌ له من طريق الصُّورة والمشاهَدَة والمعْنَى، والقِيمةُ مماثِلةٌ له من طريق الظَّنِّ والاِجْتِهاد، والأوَّلُ مقدَّم (٣)؛ كالنَّصِّ مع القِياس.
ومُقتَضاهُ: أنَّه لو قَدَرَ على المِثْل بأكثرَ من قِيمَتِه؛ لَزِمَه شِراؤه، صرَّح به في «الكافي».
وعنه: يَضْمَنُه بقيمته، ذَكَرَه القاضِي، وذَكَرَ أيضًا (٤) القِيمةَ في نُقْرَةٍ وسَبِيكةٍ، وعِنَبٍ ورُطَبٍ، كما فيه صِناعةٌ مُباحةٌ لا مُحرَّمةٌ.
وينبَغِي أنْ يُستَثنَى من الأوَّل: الماءُ في المفازة، فإنَّه يُضمَنُ بقيمته (٥) في البَرِّيَّة.
مسألةٌ: ظاهِرُه: أنَّ المِثْلِيَّ ما حَصَرَه (٦) كَيلٌ أوْ وَزْنٌ، والأَوْلَى: وجاز السَّلَم فيه؛ كماءٍ وترابٍ.
(١) في (ح): بمثله.(٢) ينظر: التمهيد ١٤/ ٢٨٨.(٣) في (ح): المقدم.(٤) قوله: (أيضًا) سقط من (ح).(٥) في (ح): بالقيمة.(٦) في (ق): ما حضره.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute