(فَصْلٌ)
اعْلَمْ أنَّ السِّحْرَ عُقَدٌ، ورُقًى، وكَلامٌ يَتَكلَّم به (١)، أوْ يَعمَلُ شَيئًا، يُؤثِّرُ في بَدَن المسْحُورِ، أوْ قَلْبِه، أوْ عَقْلِه، مِنْ غَيرِ مُباشَرَةٍ له.
وله حقيقةٌ في قَولِ الأكْثَرِ؛ فمِنْهُ ما يَقتُلُ، ومِنْهُ ما يُمرِضُ، ومِنهُ ما يَمنَعُ الرَّجُلَ مِنْ وَطْءِ امْرأَتِه، ومِنْهُ ما يفرِّقُ بَينَهما.
وقالَ بَعْضُ العُلَماءِ: إنَّه (٢) لا حقيقةَ له، وإنَّما هو تَخْيِيلٌ؛ لقوله تعالى: ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾ [طه: ٦٦].
وجَوابُه: قَولُه تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤)﴾ [الفَلَق: ١ - ٤]؛ يَعْنِي: السَّواحِرَ اللاَّتِي يَعْقِدْنَ في سِحْرِهِنَّ، ولَوْلَا أنَّ له حقيقةً: لمَا أُمِرَ بالاِسْتِعاذَة مِنْهُ.
قال الأصحابُ: ويَكفُرُ السَّاحِرُ بتَعلُّمِه وتَعْلِيمِه؛ كاعْتِقادِ حِلِّه.
وعَنْهُ: لا، اخْتارَه ابنُ عَقِيلٍ، وجَزَمَ به في «التَّبصرة».
وكفَّرَه أبو بكرٍ بعمَلِه (٣)، قال في «التَّرغيب»: هو أشدُّ تحريمًا.
وحَمَلَ ابنُ عَقِيلٍ كَلامَ أحمدَ في كُفْرِه (٤): على مُعتَقِدِه، وأنَّ فاعِلَه يُفسَّقُ، ويُقتَلُ حَدًّا.
(وَ) هو (السَّاحِرُ الَّذِي يَرْكَبُ المِكْنَسَةَ، فَتَسِيرُ بِهِ فِي الْهَوَاءِ، وَنَحْوُهُ؛ يَكْفُرُ)؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ
(١) زيد في (ن): أو يعمل به.(٢) في (م): لأنه.(٣) في (م): بعلمه.(٤) ينظر: أحكام أهل الملل ص ٤٦٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute