(الثَّانِي: الْمُضَارَبَةُ)، وهي تَسْميةُ أهل العراق، مأْخُوذَةٌ من الضَّرْب في الأرض، وهو السَّفَر فيها للتِّجارَةِ، قال تعالى: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [المُزّمل: ٢٠].
ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ (١) من ضَرْبِ كلٍّ منهما بِسَهْمٍ من الرِّبح.
وسمَّاه أهلُ الحِجاز: قِراضًا، فقيل: هو مُشْتَقٌّ من القَطْع، يقال: قَرَضَ الفأر الثَّوبَ؛ أيْ: قَطَعَه، فكأنَّ صاحبَ المال اقْتَطَع منه قِطعةً، وسلَّمَها إلى العامِل، واقْتَطَع له قِطْعةً مِنْ رِبْحها.
وقيل: هو مُشْتَقٌّ من المساواة والموازَنَة، يقال: تقارض (٢) الشَّاعِرانِ؛ إذا تَوَازَنا.
وهي جائزةٌ بالإجْماع، حكاه ابنُ المنذِر (٣).
ورَوَى حُمَيدُ بن عبد الله، عن أبيه، عن جدِّه: «أنَّ عمرَ بنَ الخطَّاب أعطاه مالَ يتيمٍ مُضارَبةً يَعمَلُ به (٤) في (٥) العراق» (٦)، ورُوِي جَوازُه عن
(١) في (ق): أن تكون. (٢) (ظ): تعارض. (٣) في ينظر: الإجماع ص ١٠٢. (٤) في (ح): منه. (٥) في (ق): من. (٦) أخرجه أبو يوسف في الآثار (٧٣٢)، والشافعي في اختلاف العراقِيينِ الملحق بالأم (٧/ ١١٤)، ومحمد بن الحسن في الأصل (٤/ ١١٩)، وابن أبي شيبة (٢١٣٦٨)، والبخاري في التاريخ الكبير (٥/ ٤٤٢)، والبيهقي في المعرفة (١٢٠٦٧)، ووقع اختلاف في اسمه، فقيل: عبد الله بن حميد بن عبيد، وقيل: حميد بن عبد الله بن عبيد، وهو ثقة كما قال ابن معين، لكن والده مجهول الحال، سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم، ولم يرو عنه سوى اثنين.