(الشَّرْطُ الْخَامِسُ: الاِسْتِطَاعَةُ)؛ لقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ [آل عِمرَان: ٩٧]، ولأنَّ الخطاب إنَّما هو للمستطيع؛ لأنَّ ﴿مَنْ﴾ بدل من ﴿النَّاسِ﴾، فتقديره: ولله على المستطيع؛ لانتفاء تكليف ما لا يُطاق شرعًا وعقلاً.
(وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَ زَادًا وَرَاحِلَةً)، نَصَّ عليه (١)؛ لمَا روى ابن عمر قال: جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ ﷺ، فقال: ما يُوجِب الحجَّ؟ قال:«الزَّادُ والرَّاحلة» رواه الترمذي، وقال: العمل عليه عند أهل العلم (٢)، وعن أنسٍ: أنَّ النَّبيَّ ﷺ سئل عن السَّبيل، فقال:«الزَّادُ والرَّاحلةُ»، وكذا رواه جابِرٌ، وابن عمر، وعبد الله بن عمرٍو، وعائشة عنه (٣)، رواه الدَّار قطنيُّ (٤)، ولأنَّها عبادةٌ تتعلق بقطع مسافة بعيدة، فكان ذلك شرطًا كالجهاد.
(١) ينظر: مسائل أبي داود ص ١٧٠، مسائل عبد الله ص ١٩٧، مسائل ابن منصور ٥/ ٢٠٧٦. (٢) أخرجه الترمذي (٨١٣)، وابن ماجه (٢٨٩٦)، والدارقطني (٢٤٢١)، قال الترمذي: (حديث حسن)، وفي سنده إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي وهو متروك. (٣) قوله: (عنه) سقط من (و). (٤) حديث أنس ﵁: أخرجه الدار قطني (٢٤١٨،)، والحاكم (١٦١٣)، من طريق قتادة، عن أنس ﵁ مرفوعًا، واختلف في وصله وإرساله، ورجح البيهقي وابن عبد الهادي وابن حجر إرساله، قال ابن عبد الهادي: (فرواية هذا الحديث عن قتادة عن أنس مرفوعًا وهم، والصواب: عن قتادة عن الحسن عن النبي ﷺ مرسلاً)، وأخرجه مرسلاً ابن أبي شيبة (١٥٧٠٧)، وأبو داود في المراسيل (١٣٣). وحديث جابر ﵁: أخرجه الدار قطني (٢٤١٣)، وإسناده ضعيف جدًّا، فيه: محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، ضعفه ابن معين، وقال البخاري: (منكر الحديث)، وقال النسائي: (متروك)، ومع هذا اختلف عليه في إسناده، قال ابن الملقن: (وقد اختلف عليه فيه، ومعه في الإسناد عبد الملك بن زياد النصيبي، قال الأزدي: منكر الحديث). وحديث عبد الله بن عمرو ﵄: أخرجه الدارقطني (٢٤١٤، ٢٤١٥)، من طريقين عن ابن لهيعة والعرزمي، كلاهما عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده به، وإسناده ضعيف جدًّا، قال الزيلعي: (وابن لهيعة والعرزمي ضعيفان)، والعرزمي متروك الحديث. وحديث عائشة ﵂: أخرجه العقيلي في الضعفاء (٣/ ٣٣٢)، والبيهقي في الكبرى (٨٦٤٠)، من طريق عتاب بن أعين، عن سفيان الثوري، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أمه، عن عائشة، وفي سنده: عتاب بن أعين، قال العقيلي: (عتاب بن أعين عن الثوري، في حديثه وهم)، وقال البيهقي: (ليس بمحفوظ)، وقال الذهبي: (روى عنه هشام بن عبيد الله حديثًا خولف في سنده)، والمراد هذا الحديث قاله ابن حجر في اللسان. ونقل ابن حجر في الفتح، عن ابن المنذر قوله: (لا يثبت الحديث الذي فيه ذكر الزاد والراحلة)، وقال الألباني بعد أن خرَّج طرقه: (وخلاصة القول: أن طرق هذا الحديث كلها واهية، وبعضها أوهى من بعض، وأحسنها طريق الحسن البصري المرسل). ينظر: معرفة السنن والآثار ٧/ ١٩، تنقيح التحقيق ٣/ ٣٨١، البدر المنير ٦/ ٢٦، ميزان الاعتدال ٣/ ٥٩٠، ٣/ ٢٧، لسان الميزان ٥/ ٣٦٧، بلوغ المرام (٧١٢)، الفتح ٣/ ٣٧٩، الإرواء ٤/ ١٦٠.