(الْقِسْمُ الثَّانِي): صلْحٌ على الإنكار، وهو (أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ (١) عَيْنًا أَوْ دَيْنًا، فَيُنْكِرَهُ) أو يسكت، (ثُمَّ يُصَالِحَهُ (٢) عَلَى مَالٍ؛ فَيَصِحُّ) في قول أكثر العلماء؛ لعموم ما سبق.
فإنْ قلْتَ: قَولُه ﵇: «إلاَّ صُلْحًا أَحَلَّ حَرامًا»(٣)، وهذا داخِلٌ فيه؛ لأِنَّه لم يَكُنْ له أنْ يأخُذَ من مال المدَّعَى عليه، فحَلَّ (٤) بالصُّلح!
فالجواب: أنَّه لا يَصِحُّ دخولُه فيه، ولا يُمكِنُ حَمْلُ الخَبر عليه لأَمْرَينِ:
أحدهما: أنَّ ما ذَكَرْتُم (٥) يُوجَد في الصُّلح بِمَعْنَى الهِبَة، فإنَّه يُحِلُّ للمَوهُوب (٦) ما كان حَرامًا.
الثَّاني: لو حلَّ (٧) به المحرَّم؛ لكان الصُّلْحُ صحيحًا، فإنَّ الصُّلْحَ الفاسِدَ لا يُحِلُّ الحرام، وإنَّما معناه (٨): ما يُتَوصَّلُ به إلى تناول المحرَّم مع بقائه على تحريمه، كما لو صالَحَه على اسْتِرْقاق حُرٍّ، ولأِنَّه يَصِحُّ مع الأجنبيِّ، فصحَّ مع الخَصْم؛ كالصُّلح على الإقْرار.
وَشَرْط صحَّته: أن يكون المدَّعي يعتقد (٩) حَقِّيَّةَ ما ادَّعاه، والمدَّعَى عليه
(١) قوله: (عليه) سقط من (ح). (٢) في (ح): يصالح. (٣) تقدم تخريجه ٤/ ٤٨٩ حاشية (٨). (٤) في (ق): محل. (٥) في (ق): ذكر ثم. (٦) قوله: (يحل للموهوب) هو في (ق): على الموهوب. (٧) في (ق): حمل. (٨) في (ظ): منعناه. (٩) في (ح): يدعي.