(فَصْلٌ)
(الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً) لِغَيرِ ضَرورةٍ مَقْدُورٍ عَلَيهِ، قالَهُ في «المحرَّر» و «الفروع»؛ كإجارةِ دارٍ يَجْعَلُها مَسْجِدًا، وشَجَرٍ لِنَشْرِ ثِيابِه وقُعُودِه بِظِلِّه (١)، (مَقْصُودَةً)، فلا يَجُوزُ اسْتِئْجارُ شَمْعٍ لِيَتَجَمَّلَ به ويَرَدُّه، وطعامٍ لِيَتَجَمَّلَ به على مائِدَتِه ثُمَّ يَرُدُّهُ، ولا ثَوبٍ يُوضَعُ على سَرِيرِ الميت، ذَكَرَه في «المغْنِي» و «الشَّرح»، ولأِنَّ مَا لَا يُقْصَدُ (٢) لا يُقابَلُ بالعِوَضِ.
ويُعْتَبَرُ فيها: أنْ تكونَ مُتَقوِّمةً، فلو اسْتَأْجَرَ تفاحة لِلشَّمِّ؛ لم يَصِحَّ.
ومَمْلوكَةً لِلْمُسْتأْجِرِ، فلو اكْتَرَى دابَّةً لِرُكُوبِ المُوْجِر؛ فَلَا، ذَكَرَهُ القاضِي وأصحابُه.
(فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الزِّنَى، وَالزَّمْرِ، وَالْغِنَاءِ)؛ لأِنَّ المنفَعَةَ المحرَّمةَ مطلوبٌ عَدَمُها، وصحَّةُ الإجارة تُنافِيها؛ إذِ المنفَعَةُ المحرَّمةُ لا تُقابَلُ بالعِوَض في البَيعِ، فكذا في الإجارة، أشْبَهَ إجارةَ أَمَتِه لِلزِّنى، وحَكاهُ ابْنُ المنذِرِ إجْماعًا في المغَنِّيَة والنَّائِحَةِ (٣).
(وَلَا إِجَارَةُ الدَّارِ لِتُجْعَلَ) كَنِيسةً، أو (بَيْتَ نَارٍ)، مع ظَنِّ الفِعْل، سَواءٌ شُرِطَ ذلِكَ في العَقْد أو لا، والمرادُ بها: النَّارُ التي يَعْبُدُها المجوسُ، أوْ مَنْ يَعْبُدُها، (أَوْ لِبَيْعِ الْخَمْرِ)؛ ولأِنَّه فِعْلٌ مُحرَّمٌ، فلم تَجُزِ الإجارةُ عَلَيهِ؛ كإجارةِ عَبْدِه للفُجُور، ولِمَا فِيهِ من الإعانَة على المعْصِيةِ.
(وَلَا يَجُوزُ (٤) الاِسْتِئْجَارُ عَلَى حَمْلِ الْمَيْتَةِ)؛ أيْ: لِلأْكْل، ويُسْتَثْنَى منه:
(١) في (ق): بطلبه. وفي (ظ): بطله.(٢) في (ق): لا يقعد.(٣) ينظر: الإجماع ص ١٠٧.(٤) في (ح): ولا يصح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute