(بَابُ المُوصَى لَهُ)
هذا هو الرُّكْنُ الثَّاني.
(تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ، مِنْ مُسْلِمٍ وَذَمِّيٍّ)، بغَيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه (١)؛ لقوله تعالى: ﴿إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا﴾ [الأحزَاب: ٦]، قال محمَّدُ بنُ الحنَفِيَّة: (هو وصيَّةُ المسْلِم لليهوديِّ والنَّصْرانيِّ) (٢)؛ لأِنَّ الهِبَةَ تَصِحُّ لهم، فصحَّتْ لهم الوصيَّةُ؛ كالمسْلِمِ.
وعُلِمُ منه: صِحَّتُها من الذِّمِّيِّ للمُسْلِم من بابِ أَوْلَى.
ويُستَثنَى من الوصيَّة لكافِرٍ: ما إذا أَوْصَى له بمُصْحَفٍ، أوْ عَبْدٍ مسلِمٍ، أوْ سِلاحٍ، أوْ حدِّ قَذْفٍ، فإنَّه لا يَصِحُّ.
(وَمُرْتَدٍّ)؛ كالهِبَة، ذَكَرَه أبو الخَطَّاب، لكِنْ إنْ ضاقَ الثُّلُثُ عنه وعن وَصِيَّتِه؛ بُدِئَ بعتقه (٣).
(وَحَرْبِيٍّ)، وظاهِرُه ولو كان في دارِ الحرب، نَصَّ عليه (٤)، وقاله أكثرُ العلماء.
وقِيلَ: لا تَصِحُّ (٥)؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ … (٩)﴾ الآيةَ [المُمتَحنَة: ٩]، فدلَّ على أنَّ مَنْ قاتَلَنا لا يَحِلُّ بِرُّه.
وجوابُه: بأنَّه قد حَصَلَ الإجماعُ على صحَّة الهَبَة له، والوصيَّةُ في مَعْناهُ،
(١) ينظر: المغني ٦/ ٢١٧.(٢) أخرجه الطبري في التفسير بنحوه (١٩/ ١٩).(٣) قوله: (لكن إن ضاق الثلث عنه وعن وصيته بدئ بعتقه) سقط من (ح).(٤) ينظر: المغني ٦/ ٢١٨.(٥) في (ظ): لا يصح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute