(فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا؛ فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ)؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾ [النِّسَاء: ١١]، وهو إجماعٌ (٣)، إلاَّ روايةً شذَّت عن ابن عبَّاسٍ أنَّ الابنتين (٤) فَرضُهما النِّصفُ (٥)؛ أخذًا بالمفهوم، والآيةُ ظاهِرَةُ الدَّلالة على ما زاد على اثنتَينِ، ووجْهُ دَلالَتها عَلَيهما: أنَّ الآيةَ وَرَدَتْ على سببٍ خاصٍّ، وهو ما رواه جابر، قال: جاءت امرأةُ سعدِ بن الرَّبيع بابنَتَيْها إلى رسول الله ﷺ، فقالت: هاتان ابْنَتَا سعدٍ، قُتِلَ أبوهما معك يوم أُحُدٍ، وابنُ عمِّهما أخَذَ مالَهما، فلم يَدَعْ لهما شَيئًا من مالٍ، قال:«يَقْضِي الله في ذلك»، فنَزلتْ آيةُ المواريث، فدعا النَّبيُّ ﷺ ابنَ عَمِّهما، فقال:«أعْطِ ابْنَتَيْ سعدٍ الثُّلُثَينِ، وأعْطِ أُمَّهما الثُّمنَ، وما بَقِيَ فهو لك» رواه أبو داودَ، وصحَّحه التِّرمذِيُّ والحاكِمُ (٦)، ووقع في «المغْنِي»، و «الشَّرح» أنَّه
(١) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ٧٠. (٢) أخرجه البخاري (٦٧٣٦)، من حديث ابن مسعود ﵁، أنه قال: أقضي فيها بما قضى النبي ﷺ: «للابنة النصف، ولابنة ابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت». (٣) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ٦٩. (٤) في (ظ): الأنثيين. (٥) نسبه جماعة من الفقهاء والمفسرين لابن عباس ﵄، ولم نقف عليه مسندًا، قال ابن عبد البر: (هذه الرواية منكرة عند أهل العلم قاطبة، كلهم ينكرها، ويدفعها: ما رواه ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس ﵄: أنه جعل للبنتين الثلثين)، وضعفها شيخ الإسلام وابن رجب. ينظر: الاستذكار ٥/ ٣٢٣، مجموع الفتاوى ٣١/ ٣٥٠، جامع العلوم والحكم ٢/ ٤٢٥. (٦) أخرجه أحمد (١٤٧٩٨)، وأبو داود (٢٨٩١)، والترمذي (٢٠٩٢)، وابن ماجه (٢٧٢٠)، والحاكم (٧٩٥٤)، وفي سنده: عبد الله بن محمد بن عقيل، متكلم فيه والجمهور على تضعيفه، وقوَّى حاله جماعة، قال البخاري: (كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجون بحديث ابن عقيل)، وصحح الحديث الترمذي والحاكم وحسنه ابن عبد البر والألباني. ينظر: الاستذكار ٥/ ١٣١، تهذيب التهذيب ٦/ ١٥، الإرواء ٦/ ١٢٢.