طَلَقَتْ ثَلَاثًا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ)، وكذا (١) عكسُه، قدَّمه في «الكافي» و «الرِّعاية» و «الفروع»، وجَزَمَ به في «الوجيز»؛ لأِنَّ هذا هو السَّابِقُ إلى الفهم من ذلك، كما لو قال: له عليَّ درهمٌ إلاَّ أنْ يُقِيمَ بيِّنةً بثلاثةٍ، و: خُذْ درهمًا (٢) إلاَّ أنْ يُريدَ (٣) أكثرَ منه.
(وَفِي الآْخَرِ: لَا تَطْلُقُ)؛ لأِنَّ الاِسْتِثْناءَ من الإثبات نفيٌ، ولأِنَّه علَّق وقوعَ الواحدة على عَدَمِ مشيئتها الثَّلاث، ولم يُوقِعْ بمشيئتها شيئًا، أشْبَهَ قَولَه: إلاَّ أنْ يشاءَ زَيدٌ.
فأمَّا إذا لم يَشَأْ زَيدٌ، أوْ شاءَ أقلَّ من ثلاثٍ؛ فواحدةٌ.
(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللهُ؛ طَلَقَتْ، وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ؛ عَتَقَتْ)، نَصَّ عليه (٤)، وفي «زاد المسير»: لا تَختَلِفُ الرِّوايةُ فيه، وهو قولُ سعيدٍ، والحَسَنِ، ومكحولٍ، وقَتادةَ، والزُّهْريِّ، والأَوْزاعِيِّ؛ لِمَا رَوَى أبو حمزةَ قال: سمعتُ ابنَ عبَّاسٍ يقولُ: «إذا قال الرَّجلُ لاِمْرأته: أنتِ طالِقٌ إنْ شاء الله؛ فهي طالِقٌ» رواه أبو حَفْصٍ (٥)، ورَوَى ابنُ عمرَ وأبو سعيدٍ قالا:«كنَّا مَعشَرَ أصحابِ النَّبيِّ ﷺ نَرَى الاِسْتِثْناءَ جائزًا في كلِّ شيءٍ إلاَّ في الطَّلاق والعِتاق»(٦)، ولأِنَّه اسْتِثْناءٌ يَرفَعُ جملةَ الطَّلاق حالاً ومآلاً، فلم
(١) زيد في (م): في. (٢) قوله: (وخذ درهمًا) في (م): درهم. والمثبت موافق للشرح الكبير ٢٢/ ٥٦١. (٣) كذا في النسخ الخطية، وفي الشرح الكبير ٢٢/ ٥٦١: تريد. (٤) ينظر: مسائل صالح ٣/ ١٢٣، الروايتين والوجهين ٢/ ١٦١. (٥) أخرجه أبو عبيد كما في المحلى (٩/ ٤٨٥)، وفيه الفضل بن المختار البصري، أحاديثه منكرة كما قال أبو حاتم، وقال الأزدي: (منكر الحديث جدًّا)، قال ابن القيم: (أثر ابن عباس لا يُعلم حالُ إسناده حتى يُقبل أو يُرد)، وقد علمتَ نكارته. ينظر: إعلام الموقعين ٥/ ٤٧٩، ميزان الاعتدال ٣/ ٣٥٨. (٦) أخرجه الجوزجاني كما في إعلام الموقعين (٥/ ٤٧٣)، وضعفه ابن القيم وقال: (عطية ضعيف، وجميع بن عبد الحميد مجهول، وخالد بن يزيد ضعيف، قال ابن عدي: أحاديثه لا يتابع عليها).