بالتَّأخير إليه لغير عذر (إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ)؛ لأنَّ مقتضى (١) الأحاديث ذهاب الوقت بعد ما (٢) ذُكر فيها، تُرك العمل به في الإدراك قبل غيبوبة الشَّمس؛ فيبقى ما عداه على مقتضاه.
وظاهره: أنَّ وقت العصر يبقى إلى الغروب في حقِّ المعذور وغيره، هذا هو المعروف في المذهب، وعليه أكثر العلماء؛ لقوله ﵇:«من أدرك من العصر ركعةً قبل أن تغرب الشَّمس؛ فقد أدركها» متفق عليه (٣)، وحينئذٍ لا فرق بين المعذور وغيره إلاَّ في الإثم (٤) وعدمه، فالمعذور له التَّأخير، وغيره ليس له ذلك ويأثم به.
وظاهر الخِرَقِيُّ وابن أبي موسى: أنَّ الإدراك مختصٌّ بمن له ضرورة؛ كحائض طهرت، وصبيٍّ بلغ، ومجنون أفاق، ونائمٍ استيقظ، وذمِّيٍّ أسلم، وألحق ابن عبدوس به: الخباز والطَّباخ والطَّبيب إذا خَشُوا تَلَف ذلك.
وعلى هذا: من لا عذر له لا يدركها بذلك، بل تفوت بفوات وقتها المختار، وتقَع منه (٥) بعد ذلك قضاءً، وقاله بعض العلماء، وهو أحد احتمالي ابن عبدوس، ووجَّهه الزَّركشي.
(وَتعْجِيلُهَا) في أوَّل الوقت (أَفْضَلُ بِكُلِّ حَالٍ)(٦)، وهو قول أكثر العلماء؛ لما روى أبو بَرْزَةَ الأَسْلَميُّ قال: «كان رسول الله ﷺ يصلِّي العصر، ثمَّ
(١) في (و): المقتضى. (٢) في (أ) و (د): بعده، وزيد في (و): إذا. (٣) أخرجه البخاري (٥٧٩)، ومسلم (٦٠٨). (٤) في (أ) و (د): الاسم. (٥) في (د) و (و): ويقع به. (٦) كتب على هامش (و): (قلت: تأكد تعجيلها يوم الغيم؛ لما روى أحمد وابن ماجه عن بريدة مرفوعًا: «بَكِّروا بالصَّلاة في اليوم الغيم؛ فإن من فاتته صلاة العصر حبط عمله»).