وعنه: لا تُؤخَّرُ، بل تُعجَّل مع الغيم، وهو ظاهر الخِرَقِيِّ و «الكافي» و «التَّلخيص»؛ إذ مطلوبية (١) التَّأخير في عامَّة الأحاديث إنَّما وردت في الحرِّ.
وفيه وجه: يُستحَبُّ التَّأخير لكلِّ مصلٍّ، وظاهر كلام أبي الخَطَّاب: يؤخِّر الظُّهرَ لا المغرب.
وأمَّا الجمعة؛ فيسنُّ تقديمها مطلقًا، قال سهل بن سعد:«ما كنَّا نَقِيلُ ولا نتغدَّى إلاَّ بعد الجمعة»(٢)، وقال سلَمة بن الأكوع: «كنَّا نجمِّع مع النَّبيِّ ﷺ ثمَّ نرجع نَتَتَبَّع (٣) الفيء» متفق عليهما (٤).
وتأخيرها لمن لم تجب عليه الجمعة إلى بعد صلاتها، ولمن يرمي الجمرات حتَّى يرميها؛ أفضل.
(ثُمَّ الْعَصْرُ)، وهو العشِيُّ، قال الجوهري:(والعصران: الغداة والعشِيُّ، ومنه سمِّيت (٥) صلاة العصر) (٦).
وذكر الأزهري مثله:(تقول (٧): فلان يأتي فلانًا العصرين والبردين؛ إذا كان يأتيه طرفي النهار) (٨)، فكأنَّها سمِّيت باسم وقتها.
(وَهِيَ الْوُسْطَى)، مؤنَّث الأوسط، وهو والوسط: الخيار، وفي صفة النَّبيِّ ﷺ: أنَّه من أوسط قومه؛ أي: من خيارهم (٩)، وليست بمعنى متوسِّطة؛ لكون
(١) في (أ) و (د) و (و): مطلوبه. والمثبت موافق لما في شرح الزركشي ١/ ٤٨٨. (٢) أخرجه البخاري (٩٣٨)، ومسلم (٨٥٩). (٣) في (أ): يرجع فيتبع، وفي (و): نرجع فيتفق. (٤) أخرجه البخاري (٤١٦٨)، ومسلم (٨٦٠). (٥) قوله: (ومنه سميت) هو في (ب): ومن ثم صليت. (٦) ينظر: الصحاح ٢/ ٧٤٩. (٧) في (أ): يقول. (٨) ينظر: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص ٤٩. (٩) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٤/ ٣٨١) في قصة هرقل مع أبي سفيان، وفيه: «فقال: زعمت أنه من أمحضهم نسبًا، وكذلك يأخذ الله النبي إذا أخذه، لا يأخذه إلا من أوسط قومه»، وهو في البخاري (٧)، بنحوه.