(وَإِنْ زَادَ الْكُفَّارُ) على مثليهم (١)؛ (فَلَهُمُ الْفِرَارُ)، قال ابنُ عبَّاسٍ: «لَمَّا نزلت ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ﴾ [الأنفَال: ٦٥] شقَّ ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم ألاَّ يَفِرَّ واحدٌ من عشرةٍ، ثمَّ جاء التَّخفيف فقال: ﴿الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا … (٦٦)﴾ الآية [الأنفَال: ٦٦]، فلمَّا خفَّف الله عنهم من العدد (٢) نقص من الصَّبر بقدر ما خفف من القدر» رواه أبو داودَ (٣).
وظاهِرُه: أنَّه يجوز لهم الفرارُ مع أدْنى زيادة، وهو أَوْلى مع ظن التَّلَف بتركه، وأطلق ابنُ عَقِيلٍ استحبابَ الثَّبات للزَّائد؛ لِمَا في ذلك من المصلحة.
(إِلاَّ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِم)؛ أي: ظنِّ المسلمين (الظَّفَرُ، فَيَلْزَمُهُمُ الْمَقَامُ)، ولا يَحِلُّ لهم الفِرارُ؛ لِينالوا درجة الشُّهداء المقبِلين على القتال محتسبين (٤)، فيكونوا أفضلَ من الموَلِّينَ.
وما ذكره المؤلِّف هو (٥) قَولٌ في المذهب، والأشْهرُ: أنَّ ذلك هو الأَوْلى، وليس بواجبٍ، صرَّح به في «المغني» و «الشَّرح».
وحمل ابنُ المنجَّى كلامَه هنا على الأَوْلى؛ جمعًا بين نقليه (٦) وموافقة للأصحاب، وكأنَّه لم يَقِف على الخلاف فيه.
وظاهِرُه: أنَّه إذا غلب على ظنِّهم الهلاكُ؛ فالأَوْلى الثَّباتُ والقتالُ.
وعنه: لزومًا، قال أحمد:(ما يعجبني أن يستأْسِر)(٧)، وقال: (فليقاتل
(١) قوله: (على مثليهم) سقط من (ح). (٢) في (ب): العدو. والذي في البخاري: العدة. (٣) أخرجه أبو داود (٢٦٤٦)، وأخرجه البخاري (٤٦٥٣)، عن عكرمة، عن ابن عباس ﵄ به. (٤) في (ح): المحتسبين. (٥) في (ب) و (ح): وهو. (٦) في (ح): نقله. (٧) ينظر: الفروع ١٠/ ٢٤٣.