(إِذَا لَمْ يُبَاشِرْهَا بِالاِسْتِعْمَالِ)؛ لئلَّا يكون مباشرًا للفضَّة التي جاء الوعيد في استعمالها، وظاهره: أنَّه يكره إذا باشرها بالاستعمال، قدَّمه في «الرعاية».
والمذهب: أنَّه يباح مباشرتها مع الحاجة وبدونها.
فظاهر كلامه: أنَّه يحرم، وقيل: يكره، وقيل: يباح.
والكثير: ما كثر في العُرف. وقيل: ما لَاح على بُعْد. وقيل: ما استَوعَب أحدَ جوانبِه.
والحاجة: أن يتعلَّق به غرض غير الزِّينة في ظاهر كلام بعضهم، قال الشَّيخ تقي الدِّين:(مرادهم: أن يحتاج إلى تلك الصورة (١)، لا إلى كونها من ذهب أو فضَّة؛ فإنَّ هذه ضرورة، وهي تبيح المنفرد) (٢).
فرع: المَطْلِيُّ والمُطَعَّم ونحوُهما بأحدهما؛ كالمُصْمَت. وقيل: لا. وقيل: لو حُلَّ واجتمع منه شيءٌ حرُم، وإلَّا فلا.
(وَثِيَابُ الْكُفَّارِ وَأَوَانِيهِمْ؛ طَاهِرَةٌ مُبَاحَةُ الاِسْتِعْمَالِ مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهَا)، وجملته أنَّ الكفَّار على ضربين: أهلِ كتاب وغيرِهم.
فالأوَّل: يباح أكلُ طعامهم وشرابهم، واستعمال أوانيهم بشرطه، قال ابن عقيل: لا تختلف الرواية في ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المَائدة: ٥]، «وتوضَّأ عمر من جرَّة نصرانيَّة»(٣)، وروى أحمد: «أنَّ
(١) قوله: (الصورة) سقط من (و). (٢) مجموع الفتاوى ٢١/ ٨١، الاختيارات ص ١٥. (٣) أخرجه الشافعي في الأم ١/ ٢١، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (٢٣٧)، والبيهقي في الكبرى (١٢٩)، أخبرنا سفيان - يعني ابن عيينة -، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر. وعلقه البخاري مجزومًا (١/ ٥٠)، وظاهر إسناده الصحة، إلا أنه منقطع، فإن ابن عيينة لم يسمعه من زيد بن أسلم، فقد رواه الدارقطني (٦٣)، والبيهقي في الكبرى (١٣٠)، عن سفيان بن عيينة، قال: حدثونا عن زيد بن أسلم - ولم أسمعه -، عن أبيه، وذكره في قصة. وبيَّن ابن حجر أن الذي روى عنه سفيان هو أحد أبناء زيد بن أسلم، فقال في فتح الباري ١/ ٢٩٩: (ورواه الإسماعيلي من وجه آخر عنه بإثبات الواسطة، فقال: عن ابن زيد بن أسلم عن أبيه به. وأولاد زيد هم: عبد الله وأسامة وعبد الرحمن، وأوثقهم وأكبرهم عبد الله، وأظنه هو الذي سمع بن عيينة منه ذلك، ولهذا جزم به البخاري). وقد علقه البخاري بصيغة الجزم ١/ ٥٠، قال: (وتوضأ عمر بالحميم، ومن بيت نصرانية).