وقال القاضي: هو على عاقِلَته؛ لأِنَّه قَتْلٌ لا يُوجِبُ القِصاصَ، فيكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ.
وشَرْطُه: الطَّلب (١) مِنْ مالِكه، صرَّح به في «الفروع» وغيرُه، فعلى (٢) هذا: إنْ لم (٣) يَطلُبْه فلا ضَمانَ عليه؛ لأِنَّه لم يَتَسَبَّبْ إلى هَلاكِه.
وظاهِرُه: أنَّه إذا كان به مِثْلُ ضَرورَتِه، فطَلَبَ منه، فمَنَعَه فمات؛ لم يَضمَنْه؛ لأِنَّه لا يَجِبُ عليه بَذْلُ طعامه (٤) في هذا الحالِ.
ومِثْلُ الأول (٥): لو أخَذَ منه تُرْسًا يَدفَعُ به عن نفسه ضَرْبًا، ذَكَرَه في «الاِنْتِصار».
(وَخَرَّجَ عَلَيْهِ أَبُو الْخَطَّابِ)، وحكاه في (٦)«المستوعب» عن الأصْحاب: (كُلَّ مَنْ أَمْكَنَهُ إِنْجَاءُ إِنْسَانٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ، فَلَمْ يَفْعَلْ) حتَّى هَلَكَ؛ أنَّه يَلزَمُه دِيَتُه؛ لاِشْتِراكهما في القُدْرة على سَلامَتِه، وخَلاصِه من الموت، قال في «الفروع»: وخرَّج (٧) الأصْحابُ ضَمانَه على المسألة الأُولى، فدلَّ أنَّه مع الطَّلَب.
وفرَّقَ المؤلِّفُ فقال:(وَلَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَهُ)؛ لأِنَّه هنا لم يَتَسَبَّبْ إلى هلاكه، فلم يَضمَنْه (٨)، بخِلافِ التي قَبْلَها، فلا يَصِحُّ القِياسُ، فَدَلَّ أنَّ كلامهم (٩) عِنْدَه: ولو لم يَطْلُبْه، فإنْ كان مُرادَهم؛ فالفَرْقُ ظاهِرٌ.
(١) قوله: (الطلب) سقط من (م). (٢) في (ن): نقل. (٣) في (م): علم. (٤) في (م): الطعام. (٥) في (م): الأولى. (٦) قوله: (في) مكانه بياض في (م). (٧) في (ن): وصرح. والمثبت موافق للفروع. (٨) كتب في هامش (ن): (وهو المذهب). (٩) في (م) و (ن): كلًّا منهم. والمثبت موافق لما في الفروع ٩/ ٤٣٢، والإنصاف ٢٥/ ٣٥٤.