الحَيض والطُّهر جميعًا، فهو من الأسماء المشترَكة، قال الخليلُ: يُقالُ: أقْرأَت المرأةُ إذا دَنا حَيضُها، وأقْرَأَتْ إذا دنا طَهرُها (١).
وقال أحمدُ بنُ يحيى ثَعْلب (٢): القروءُ (٣) الأوقات، فقد يكونُ حَيضًا، وقد يَكونُ طُهْرًا، والقَولُ بأنَّه الحَيضُ هو الأَشْهَرُ؛ لأِنَّه يُطلَقُ تارةً ويُرادُ به الاِنتِقالُ، يقال (٤): قَرَأَ النَّجْمُ؛ أي (٥): انتقل من مَحَلٍّ إلى آخَرَ، ويُرادُ به الجَمْعُ، يُقالُ: ما قَرَأَت النَّاقَةُ؛ أيْ: لم تَجمَعْ في بطنها ولدًا، فالأخْذُ به أَوْلَى؛ لأِنَّ فيه جمعًا بَينَ حقيقتَينِ.
وهذا هو الأَظْهَرُ عن أحمدَ (٦)، صحَّحه في «المستوعب»، وجزم به في «الوجيز»، وقدَّمه في «الرِّعاية» و «الفروع»، وهو قَولُ عمرَ (٧)، وعليٍّ (٨)، وابنِ عبَّاسٍ (٩)، ورُوِيَ عن أبي بكر (١٠)، وعثمانَ، وأبي موسى (١١)، وعبادةَ، وأبي الدَّرداء (١٢)، قال أحمدُ في رواية الأثرم: (كنتُ أقولُ: إنَّه الأَطْهارُ، ثُمَّ
(١) لم نجده من كلام الخليل. وينظر: غريب الحديث لأبي عبيد ١/ ٢٨٠. (٢) ينظر: التمهيد ١٥/ ٨٦. (٣) في (م): القرء. (٤) قوله: (يقال) سقط من (م). (٥) في (م): إذا. (٦) ينظر: مسائل ابن هانئ ١/ ٣٢، الروايتين والوجهين ٢/ ٢٠٩. (٧) تقدم تخريجه ٨/ ٣٤٣ حاشية (٤). (٨) تقدم تخريجه ٨/ ٣٤٣ حاشية (٥). (٩) أخرجه الطبري في التفسير (٤/ ٨٨)، والبيهقي في الكبرى (١٥٣٩٨)، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس ﵄: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ قال: «ثلاث حيض»، مرسل؛ عطاء لم يسمع من ابن عباس ﵄. (١٠) قوله: (بكر) سقط من (م). (١١) في (م): وابن أبي موسى. (١٢) الآثار الواردة عن أبي بكر وأبي موسى وعبادة وأبي الدرداء ﵃ تقدم تخريجها ٨/ ٣٤٣ حاشية (٣). وأثر عثمان ﵁: أخرجه عبد الرزاق (١٠٩٨٧)، والطبري في التفسير (٤/ ٩٤)، والبيهقي في الكبرى (١٥٣٩٦)، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، قال: أرسل عثمان إلى أبي يسأله عنها، فقال أبي: «فإني أرى أنه أحق بها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة، وتحل لها الصلاة» قال: فلا أعلم عثمان إلا أخذ ذلك. وأبو عبيدة لا يُعرف سماعه من عثمان ﵃. وأخرجه البيهقي في المعرفة (١٥١٨٦)، عن سليمان بن يسار، أن عثمان بن عفان وابن عمر قالا: «إذا دخلت في الحيضة الثالثة؛ فلا رجعة له عليها»، وإسناده صحيح. وقد أورد ابن الملقن وابن حجر هذا الأثر ولم يقفا عليه. ينظر: البدر المنير ٨/ ٢٢٠، التلخيص ٣/ ٤٩٨.