وهو حقيقةٌ في العقد، جَزَمَ به أكثرُ الأصْحاب؛ لأِنَّه الأَشْهَرُ في الكتاب والسُّنَّة، ولهذا قِيلَ: لَيسَ في القرآن العظيم لفظُ النِّكاح بمَعْنَى الوَطْءِ، إلاَّ قَولُه تعالى: ﴿حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البَقَرَة: ٢٣٠]، ولصحَّة نفيِه عن الوطء، وهو دليلُ المجاز، ولقَولِ العرب: أنْكَحْنَا الفَرَى (١) فَسَتَرَى؛ أي: أضْرَبْنا فَحْلَ حُمُرِ الوَحْش أُتنَه (٢)، فَسَترَى ما يتولَّد منهما (٣)، فضُرِب مثلاً للأمر يَجتَمِعونَ عَلَيه ثُمَّ يتفرَّقونَ عنه.
وقال القاضِي في «العِدَّة»، وأبو الخَطاب، وأبو يَعْلَى الصَّغيرُ: هو حقيقةٌ في الوَطْءِ؛ لمَا تقدَّمَ عن ثَعلَبٍ، والأصلُ عَدَمُ النَّقل، قال أبو الخَطَّاب: وتحريمُ مَنْ عَقَدَ عَلَيها الأبُ اسْتَفَدْناهُ بالإجماع.
والأَشْهَرُ: أنَّه مُشتَرَكٌ، قاله في «الوسيلة»، و «الفروع».
وقِيلَ: حقيقةٌ فيهما، اختاره جماعةٌ.
ثُمَّ قال المؤلِّفُ: والصَّحيحُ ما قُلْنا؛ لأِنَّ الأَشْهَرَ اسْتِعْمالُ لَفْظةِ (٤) النِّكاح بإزاء العَقْدِ في الكتاب، والسُّنَّة، ولسانِ أهلْ العَرَبِ، والاِشْتِراكُ خلافُ الأصل، ولو قدَّمَ (٥) كَونُه مَجازًا في العقد؛ لكان اسْمًا عُرْفِيًّا، يَجِبُ صرْفُ اللَّفظ إليه عند الإطلاق.
(١) في (ق): أملحنا القرى. (٢) قال في طلبة الطلبة ص ٣٨: (الفرى: بفتح الفاء والراء والآخر مهموز مقصور، هو حمار الوحش، أي: جمعنا بين الحمار الوحشي وبين أنثاه، وسننظر إلى ما يحدث منهما، يُضرب مثلاً للأمر ينتظر وقوعه ولا يُدرى كيف يقع). (٣) في (ظ): بينهما. (٤) في (ق): لفظ. (٥) كذا في النسخ الخطية، وفي المغني ٧/ ٣، والشرح الكبير ٢٠/ ٧: قُدِّرَ.