وَلاءَ سُلَيمانَ بنِ يَسَارٍ لاِبْنِ عبَّاسٍ، وكان مُكاتَبًا» (١)، ورُوِيَ عنها أيضًا:«أنَّها وَهَبَتْ وَلاءَ مَوالِيها للعبَّاس»(٢)، وقال ابنُ جُرَيجٍ: قُلْتُ لِعَطاءٍ: أَذِنْتُ لِمَولايَ أنْ يُوَالِيَ مَنْ شاء، فيَجُوزُ؟ قال: نَعَمْ (٣).
وجَوابُه: ما سَبَقَ، وبأنَّه ﵇ قال:«لَعَنَ اللهُ مَنْ تَوَلَّى غَيرَ مَوالِيهِ»(٤) ولأِنَّه مَعْنًى يُورَثُ به، فلا يَنتَقِلُ عنه؛ كالقرابة.
فَعَلَى هذا: لا يَنتَقِلُ الوَلاءُ عن المعتِق بمَوته، ولا يَرِثُه وَرَثَتُه، وإنَّما يَرِثُونَ المالَ به مع بَقائِه، وهو للمعتِقِ.
(وَهُوَ لِلْكُبَرِ خَاصَّةً)؛ أيْ: أنَّه (٥) يَرِثُ بالوَلاء أقربُ عَصَبات السَّيِّد إلَيهِ يَومَ مات عَتِيقُه، لا يَومَ ماتَ السَّيِّدُ، هذا هو المخْتارُ للأصحاب، والمشهورُ من الرِّوَايَتَينِ، قال أحمدُ في روايةِ صالِحٍ: حديثُ عمرَ عن النَّبيِّ ﷺ: «ما أَحْرَزَ الوالِدُ والوَلَدُ فهو لِعَصَبَته مَنْ كانَ» يَرْوِيهِ عمرُو بنُ شُعَيبٍ (٦)، وقد رُوِيَ
(١) أخرجه سعيد بن منصور (٢٨٠)، وابن أبي شيبة (٢٠٤٧٥)، والطحاوي في مشكل الآثار (١٢/ ٥٢٧)، عن عمرو بن دينار به. ورجاله ثقات، وظاهره الإرسال. وأخرجه محمد بن الحسن في الأصل (٦/ ٣٧٧)، عن أبي يوسف، حدثني محدث، عن سليمان بن يسار بنحوه. قال عبد الله في مسائله (١٠٧٦): قلت لأبي: تذهب إلى حديث عمرو بن دينار؛ أن ميمونة وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس؟ فقال أبي: (لا)، وقال أبي: (ابن عباس؛ روى عنه عطاء، عن ابن عباس: «الولاء لا يباع ولا يوهب»، وكرهه ابن مسعود، وجابر). (٢) علَّقه ابن عبد البر في التمهيد (١٦/ ٣٣٦)، عن حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار: أن ميمونة بنت الحارث وهبت ولاء مواليها للعباس، فولاؤهم لهم اليوم. وذكره الحافظ في الفتح ١٢/ ٤٣ بلفظ: أن ميمونة وهبت ولاء مواليها للعباس وولده. (٣) أخرجه عبد الرزاق (١٦١٥٢). (٤) أخرجه البخاري (٣١٧٢)، ومسلم (١٣٧٠)، من حديث علي ﵁. (٥) في (ق): إنما. (٦) أخرجه أحمد (١٨٣)، وأبو داود (٢٩١٧)، والنسائي في الكبرى (٦٣١٤)، وابن ماجه (٢٧٣٢)، من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عن عمر ﵁، وفيه قصة، وصححه ابن المديني وابن عبد البر، وحسنه الألباني. ينظر: بلوغ المرام (٩٥٥)، الصحيحة (٢٢١٣).